مجـال القانـون المـدني



                      مجـال القانـون المـدني

أولا- مجال القانون المدني: إن القانون المدني عبارة عن مجموعة من القواعد القانونية التي فرضها المشرع لتنظيم العلاقات المالية و العائلية فيما بين الأشخاص.

       مثال: العقد مهما كان محله (عقد بيع، عقد عمل أو عقد شركة) فهو يخضع لقواعد وأحكام القانون المدني.

       إن القانون المدني هو القانون العام الذي ينظم علاقات الأفراد و هو القاعدة في حل النزاعات التي قد تطرح بين الأفراد.

       مثال: إن عقد الشركة التجارية ينظمه القانون المدني في الجوانب العامة      و يخضع إلى القانون التجاري في المسائل الخاصة.

       إن مجال القانون المدني واسع بحيث تتفرع منه عدة مجالات              إختصاصات تخضع للقانون الخاص، و هذه المجالات و تلك الإختصاصات تبقى دائما تخضع لقواعد القانون المدني، لأنه هو الشريعة العامة أو القانون الأم كما يسميه بعض الفقهاء لأنه يملك القواعد العامة لهذه الإختصاصات.

       ثانيا- أشخاص القانون المدني: يصنف القانون المدني الجزائري الأشخاص إلى صنفين في المواد 25 و 49 منه.

       1- الأشخاص الطبيعيون: هم أشخاص بشر كالرجال النساء، الأطفال، وعندما نقول شخص طبيعي يجب علينا تشخيصه و ذلك بمعرفة إسمه جنسه و سنه جنسيته و عنوانه.

       بعد ذلك تحديده في المجتمع بمعنى معرفة حالته مقارنة بالأشخاص الآخرين و تبيان قدراته في التصرف في حقوقه أم لا.

       الشخص الطبيعي بالمفهوم القانوني هو شخص له حقوق وعليه واجبات.

       مثال: شخص طبيعي له حقوق كالحق في الإسم، الحق في الإنتخابات       و واجبات كواجب أداء الخدمة الوطنية أو واجب الأب بالتكفل بأفراد أسرته       أو أطفاله.

       الشخصية القانونية نقصد بها القدرة على تحمل الواجبات و التمتع         أو التصرف في الحقوق، و لهذا فإن كل شخص طبيعي يتمتع بوضعية قانونية      و نسميها حالة الشخص.

       و نقول أيضا عن المرأة أنها تتمتع بحالة " المرأة المتزوجة " أو شخص أجنبي في الجزائر نقول عنه أنه يتمتع بحالة " الشخص الأجنبي".

       و لهذا فإن حالة الشخص مرتبطة بشخصيته القانونية و لهذا فإن حالة الشخص هي: مجموعة من الصفات (المدنية، المهنية، الجنسية) التي تؤثر في التمتع بحقوقه أم لا.

       - إننا نجد أنفسنا أمام حالتين قانونيتين متكاملتين، فبمجرد معرفة حالة الشخص نعرف مباشرة قدراته بمعنى إمكانيته التمتع ببعض الحقوق و خاصة التصرف فيها.

       مثال: إن الطفل الذي لم يبلغ سن الرشد (19) سنة يتمتع بحرية الإنتفاع كأي شخص الأخر، و لكن لا يمكنه التصرف في هذه الحقوق لأنه قاصر بمعنى أنه يملك حرية الإنتفاع أو تملك الحق و لكنه لا يملك أهلية الأداء هو بنفسه على هذه الحقوق.

       من الناحية القانونية فإن هذا الطفل الأقل من (19) سنة هو قاصر، لا يمكنه التصرف في حقوقه، و قد وضعه المشرع تحت سلطة و لي لحماية حقوقه.

       فلتشخيص شخص في نظر القانون أو تحديد وضعيته القانونية و المركز الذي يملكه في المجتمع أو في العائلة يجب التقيد بثلاثة نقاط أساسية.

       أ- الحالة السياسية للشخص بمعنى جنسيته.
       ب- الحالة المهنية للشخص بمعنى حقوقه وواجباته كعامل.
       ج- الحالة المدنية للشخص بمعنى الإسم و اللقب، السن،إلخ.

       2)- الأشخاص المعنوية: عبارة عن تجمع لمجموعة من الأشخاص الطبيعيين للحصول على أهداف معنية و كذلك خلق شخص عام بهدف ضمان الخدمة العمومية و التي يخصص لها القانون حقوق و وواجبات.

       يمكن أن يكون الهدف يدر ربحا مثل إنشاء الشركات التجارية، كما قد يكون الهدف مهني كإنشاء النقابات و قد يكون الهدف تحقيق مصلحة عامة مثل إنشاء الجمعيات.

       - إن القانون يفرق بين نوعين من الأشخاص المعنوية فهناك الأشخاص المعنوية التابعة للقانون العام و الأشخاص المعنوية التابعة للقانون الخاص.

       - إن الأشخاص المعنوية التابعة للقانون العام نقصد بها الدولة، الولاية، البلدية بينما الأشخاص المعنوية التابعة للقانون الخاص نقصد بها الشركات التجارية و الإقتصادية لأنها تدر الربح.

       - ولهذا يجب القول: أن الشخصية المعنوية مثلها مثل الشخص الطبيعي تتمتع بحقوق و عليها واجبات، فلها إذا شخصية قانونية، و الذمة المالية لها تتشكل من إشتراكات الأشخاص الذين أسسوها أو الدولة تدعمها بذلك. و هي تملك إسم    و موطن ( أو عنوان)، وبإمكانها مقاضاة شخص أمام العدالة بإسمها:


       ثالثا- الحقوق - الذمة المالية: بعد الولادة، كل شخص يملك ذمة مالية بمعنى عددا من الحقوق ( حقوق عينية، حقوق الدائنية) و إلتزامات ( الديون) تقدر بالأموال إلا أنها تتمتع بذمة مالية واحدة.
       إن الذمة المالية للشخص تنتقل بعد الوفاة إلى الورثة للتصرف فيها.

       و عليه يمكن أن نتساءل:
1- ما المقصود بالذمة المالية؟.
2- ما هي الأشياء التي تحتويها هذه الذمة المالية؟.
3- كيف يتم التصرف في هذه الحقوق؟.

1- ما المقصود بالذمة المالية: ثمة خمسة معايير تعرف الذمة المالية:

       أ- كل شخص سواء كان طبيعيا أو معنويا، يملك ذمة مالية مثال: الطفل الذي يولد حيا يملك ذمة مالية، و الشخص الذي يتوفى و يترك إمرأة حامل فإن مسألة الإرث لا تطرح حتى يولد الطفل و إن كانت الشريعة الاسلامية تترك السهم الأكبر للجنين.

ب- لا يوجد ذمة مالية بدون مالك لها. كنتيجة حتمية لذلك، لا يمكن لشخص أن يوصي بإنشاء مؤسسة ما بصفة مباشرة ( مثل إنشاء عن طريقة الهبة لمؤسسة ذات منفعة عامة)، يجب في البداية تسليم هذه الأملاك لوسيط الذي يكلف فيما بعد بالقيام بالإجراءات الضرورية لتشكيل أو لتحقيق الإنجاز المراد من طرف المتوفي (الوصي).

       ج- إن الشخص لا يمكنه تملك إلا ذمة مالية واحدة و بالتالي فإنه على سبيل المثال التاجر الذي تكون لدية مشاكل مالية لا يمكن في أي حال من الأحوال منح الدائنين التجاريين كل المحل التجاري.

       ذلك أن المحل التجاري لا يمثل سوى جزء من الذمة المالية للتاجر و بالتالي جميع الدائنين مهما كانت طبيعة الدين يستطيعون رفع دعوى لإسترجاع ديونهم من خلال هذا المحل التجاري.

       د- عند وفاة الشخص فإن ذمته المالية تنتقل إلى الورثة و بهذه العلاقة يستمر الورثة في تسيير الذمة المالية للهالك.
       و لهذا الورثة ملزمين بتنفيذ جميع التعهدات التي إلتزم بها الهالك قبل و فاته.
       هـ- محتوى الذمة المالية تطرأ عليه تغييرات أو حركات أو مبادلات.
       مثال: منزل ما يتعرض إلى حرق فإن شركة التأمين التي يتبع لها هذا المنزل ملزمة بتعويض مبلغ مالي معين حسب درجة الضرر، وبالتالي هذا التعويض سيأخذ مكان المنزل الذي تعرض للحرق، ومنه فإن القاعدة تقول أن الدائنين الذين يملكون رهن لضمان دفع الدين حول هذا المنزل يمكنهم نقل هذا الحق إلى مبلغ التعويض لإسترداد ديونهم المستحقة و هكذا يجب التنبيه إلى:

- الذمة المالية هي مجموعة من الحقوق و الإلتزمات.
- لا يمكننا التمتع لا بذمة مالية واحدة فقط.
- الذمة المالية تنتقل بعد الوفاة إلى الورثة الذين يستمرون مباشرة حقوق الهالك.
       - يمكن أن تتعرض الذمة المالية إلى تغييرات أو حركات أو مبادلات.

       - ما هي الأشياء التي تمثل حقوق و التي تصنف في الذمة المالية؟
       - إن الذامة المالية تشمل عدة أشياء متنوعة يمكن تصنيفها إلى عدة اصناف أهمها:

        أ- الأشياء القابلة للإستهلاك و الغير قابلة للإستهلاك فالأولى تتمثل على سبيل المثال في خبزة واحدة أما الثانية تتمثل مثلا في طاولة.
       ب- الأشياء العقارية و المنقولة فمثلا الأشياء العقارية لا يمكن نقلها من جهة إلى أخرى كشقة أو قطعة أرض بينما المنقولة عكس ذلك مثل البضائع              و المجوهرات.
       ج- الحقوق العينية و الحقوق الشخصية و التي تسمح لنا بالتمييز مثلا ما بين منزل أو شقة مع دين إتجاه شخص ما. 

و القانون المدني يشمل مجموعتين من العلاقات:
أولا: العلاقات الشخصية: تشمل كل ما يتعلق بالأحوال الشخصية و هي تنظم كل من الأهلية، الروابط العائلية، الميراث الهبة الخ.

ثانيا: العلاقات المالية:
هي تشمل نوعين من الحقوق، حقوق شخصية و حقوق عينية.

من ضمن مواضيع القانون المدني سنحاول التركيز على أهم هذه الموضوعات و هي:

موضوع الالتزامات: و نحاول من خلال دراستنا التعرض إلى أهم مصادر الإلتزام و هو العقد بإعتباره أهم مصادر الالتزام الإرادية و المسؤولية التقصرية    و سنحاول التعرض إلى صور المسؤولية التقصيرية و الأساس الذي تقوم عليه.

تعريف الإلتزمات: الإلتزام رابطة قانونية بمقتضاها يلتزم شخص معين بأداء معين، هذا الأداء قد يكون اعطاء شيء أو القيام بعمل أو الإمتناع عن عمل " و يرى الأستاذ السنهوري أن احسن تعريف للإلتزام هو الذي يبرز مسألتين أساسيتين هما: المسألة الأولى: أن الإلتزام له ناحية مادية و ناحية شخصية و المسألة الثانية ليس من الضروري أن يوجد الدائن مند نشأة الإلتزام، وعلى هذا الاساس يقول أن  الإلتزام " حالة قانونية يرتبط بمقتضاها شخص معين "المدين" بنقل حق عيني       أو القيام بعمل أو الإمتناع عن عمل".

و مهما كان التعريف الذي يعطي للإلتزام و هي عملية فقهية بحته، كان من المفروض على المشروع الجزائري أن يتجنبها و لهذا يهمنا في تعريف الإلتزام أن يتميز بخاصتين هما:

1- أن يكون الأداء محل الإلتزام ذا قيمة مالية.
2- يجب أن يتم تعيين شخص المدين بالإلتزام، أما الدائن فيمكن أن يحدد بعد ذلك أو في المستقبل، وبهاتين الخاصتين يتميز الإلتزام عن الواجبات القانونية العامة التي تقع على عاتق الكافة لمصلحة كل فرد من أشخاص المجتمع.
أهمية النظرية العامة للإلتزام: تعد النظرية العامة بمثابة العمود الفقري لجميع فروع القانون و هي تجعل القانون المدني أصلا لغيره من الفروع و ينقسم البحث في النظرية العامة اللإلتزام إلى قسمين أساسين.

قسم 1: البحث في مصادر الإلتزام.
قسم 2: يبحث في أحكام الإلتزام.

تصنيف الإلتزام: يصنف الإلتزام حسب المحل أو على أساس المحل و حسب القوة و المصدر.

الإلتزام حسب محله: يصنف إلى إلتزام بإعطاء شيء أو التزام بقيام بعمل      أو إلتزام بالإمتناع عن عمل و هو تصنيف أشارت إليه المادة 54 م ج و يصنف الالتزام حسب المحل أيضا إلى التزام بتحقيق نتيجة أو التزام ببذل عناية أو وسيلة.

الالتزام بتحقيق غاية معينة لا يعتبر منفذا إلا إذا حقق المدين الهدف الذي قام من أجله الالتزام كالتزام البائع بنقل ملكية المبيع أغلب الإلتزمات الطبية و المحامي هي بذل عناية.

أما إلالتزام يبدل عناية فعلى المدين أن يلتزم بأن يعمل كل ما بوسعه و أن يقوم ببذل كل العناية لتنفيذ الإلتزام و قد يصل إلى نتيجة و قد لا يصل و في كلا الحالتين نقول أنه نفذ الإلتزام المجود على عاتقة مثل الطبيب و المحامي.

موضوع التأمينات و الحقوق: و سنتعرض فيه إلى نوعي التأمينات الشخصية و المتمثلة أساسا في عقد الكفالة و الحقوق العينية و سنحاول التعرض فيها إلى أهم نموذج لها و هو الرهن الرسمي و حق الملكية.



 







تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

اوامر قاضي التحقيق في قانون الاجراءات الجزائية الجزائري

التحقيق و علم النفس الجنائي

المسؤولية المدنية