الإدارة المالية و الإدارة الإقتصادية



            الإدارة المالية و الإدارة الإقتصادية


       تشمل الإدارة المالية مختلف العمليات التي تمكن من جباية الأموال و جمعها بغية توظيفها في الأوجه المقدرة لها و ذلك بإستخدام وسائل و طرق فنية و إتباع إجراءات معينة لضمان حمايتها، لهذا يمكن إعتبار الإدارة المكلفة بتسيير و إستعمال المالية العمومية، إدارة إقتصادية بالضرورة، لكونها تقوم بتحريك كميات إقتصادية   و هي كميات المالية و كذلك تحضير و تسطير الإختيارات المالية بإستخدام الأدوات و الطرق المستعملة في المجال الإقتصادي العام.

       و الحقيقة أن كل الدوائر الوزارية تضطلع بجوانب الإدارة المالية و ذلك بمناسبة إنجازها للنفقات العمومية، كما أنها تشرف عليها و تراقب قطاعات إقتصادية في إطار مهام الدولة الإقتصادية، و التي تمتد لكافة المجالات، و هكذا ترتكز الإدارة المالية في يد السلطة التنفيذية، و بداخل هذه الأخيرة تبرز وزارة الإقتصاد            ( الضرائب الميزانية، الخزينة ) كما تساهم البنوك هي الأخرى في تدعيم قدرات التمويل، و تمثل قناة فعالة لإمداد المؤسسات بالأموال اللازمة للإستثمار، و كذلك في تعبئة الإدخار.

       كما تتدعم الإدارة المالية بأجهزة رقابة، لكون التسيير المالي يقترن حتما بآليات مراقبة، تسمح فعاليته و دقته، و ذلك من خلال تقنين عمليات النفقات         و الإيرادات بكيفية لا يمكن لأي إنجاز مالي أن يفلت من رقابتها.

       الأجهزة: القاعدة العامة أن حق المبادرة يتم بإقتراح مشاريع القوانين من طرف السلطتين التشريعية و التنفيذية على حد سواء، إستنادا إلى المادة 113 من الدستور، غير أن الفقرة 13 من المادة 115 تنص على التصويت و هذا هو الواقع، كما يقول " جيز " ' إن سلطة المجلس الحقيقية، فيما يتعلق بالميزانية ليست في الإقتراح بل في المرافقة )، لأن الهيئة التشريعية غير مطلعة تمام الإطلاع على الشؤون المالية و على الإحتياجات الحقيقية لمرافق الدولة و القدرات الفعلية للأفراد المساهمين، و من هنا تقل لديها المعلومات الضرورية لتحضير الميزانية، كما أن الهيئة التنفيذية بحوزتها التقنيين و الوسائل المادية لإنجاز عملية حاسمة و المتمثلة في التقدير التي يتطلبها تحضير الميزانية.
       و يذكر البعض أن الميزانية ليست بقانون، بل هي عمل إداري يدخل وظيفيا ضمن صلاحيات الهيئة التنفيذية، ما دامت المكلفة أخيرا بتنفيذ بنود الميزانية فإن أخطأت كانت مسؤوليتها كاملة أمام الهيئة التشريعية.

       و ما يدعم هذه الآراء هو أن بعض الدول إعتمدت أسلوب تحضير الميزانية من طرف الهيئة التشريعية، إعتمادا على الفصل الجامد بين السلطات، إلا أنها عدلت عنه كالولايات المتحدة منذ عام 1921، فالسائد في الوقت الحاضر، هو أن التحضير يتم من طرف الهيئة التنفيذية و كذلك التنفيذ، و تقوم الهيئة التشريعية بالمناقشة      و التصويت و المراقبة، و مهما يكن فإن ميزانية الدولة ليست مجرد إيرادات       و نفقات بل هي ممارسة دستورية و إدارية، أي أنها تعكس الطابع الدستوري        و الشكل الإداري اللذان صبت فيهما.

1 وزارة الإقتصاد ( المكلفة بالمالية ):       يعود لمجلس الوزراء مهمة التقدير النهائي للإختيارات المالية، و ذلك بصدد مصادقته على مشروع قانون المالية، غير أن العمل القاعدي يتم في وزارة الإقتصاد ( أو المالية ) تحت إشراف وزير الإقتصاد، هذا الأخير مكنه إختصاصه المالي من حيازة أفضلية على الوزراء الآخرين رغم أن هذا التفضيل غير منصوص عليه دستوريا، و لكنها مكانة وفرها له دوره الهام، ففي بريطانيا مثلا فإن قانونها الدستوري يسمح بمكانة متميزة لوزير المالية، فهو نائب للوزير الأول.

       الأفضلية هذه أعطته إمتيازات فعلية لا يتمتع بها غيره من الوزراء، فهو وزير منفق كباقي الوزراء، لكنه الوحيد المكلف بتحصيل الإيرادات و عليه يقع عبء إنجاز التوازن بينها و بين النفقات، فتطلب الأمر منحه بعض السلطات القانونية.

       قبل كل شيء وجود المراقبين الماليين المشرف عليهم لدى كل دائرة وزارية و اللذين يراقبون النفقات قبل صرفها و يعطي لوزير الإقتصاد ( المالية ) ميزة خاصة، كونه يوجه موظفين لدى الوزارات الأخرى، هذا من جهة.

       ثم فإن كل التدابير ذات الطابع المالي، إما يتخذها وزير الإقتصاد أو يبدي رأيه بشأنها، مما يتطلب خضوع إقتراحات باقي الوزراء لفحوصه، كما أنه الوحيد بين الوزراء الذي له نظرة متكاملة و شاملة للسياسة الحكومية بعد رئيس الحكومة، من جهة أخرى.

       مما سبق نفهم الدافع الذي قاد بعض رؤساء الحكومات في الجزائر و في دول أخرى الى الجمع بين رئاسة الحكومة ووزارة الإقتصاد تفاديا للتصادم الممكن حدوثه بين المنصبين، و لتمكين رئيس الحكومة من التحكم في تنفيذ برنامج حكومته بصفة ناجعة.

       و تعتبر وزارة الإقتصاد حجر الزاوية في التنظيم الحكومي، غير أن الأمر لم يكن اضحا في السابق، حيث وجدت إلى جانبها وزارات تقنية متخصصة في القطاعات الإقتصادية، كما إستحوذت وزارة التخطيط على قسم هام من مهامها.

       يظهر و أن هذه المكانة قد إسترجعت بإلغاء وزارة التخطيط و إحلال مكانها المجلس الوطني للتخطيط، و بداخل وزارة الإقتصاد، يمكن ترشيح الوزارة المنتدبة للميزانية لإحتلال المكانة البارزة، نظرا لإشرافها على مختلف المصالح المالية، غير الخزينة.

       ففي مجال المالية العمومية، فإن وزير الإقتصاد يتكفل فضلا عن المسائل الجبائية و الجمارك، و الأملاك الوطنية، بشؤون الميزانية و المتمثلة فيما يلي:

       1 المبادرة بالإتصال مع السلطات المعنية، بكل نص يتعلق بموازنات الدولة       و الجماعات المحلية و المؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري و الهيئات العمومية المماثلة.
       2 تطبيق التدابير و الإجراءات المتعلقة بتحضير ميزانية الدولة و تقديمها             و التصويت عليها.
       3 القيام بأي إجراء من شأنه أن يساهم من خلال التدابير الموازنية         ( الموازنات ) لتحقيق الأهداف المحددة في برنامج الحكومة.
       4 المبادرة بأي إقتراح تشريعي و تنظيمي يطبق في مجال مراقبة النفقات الملتزم بها و تسيير موازنات الدولة و الجماعات المحلية و المؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري و الهيئات العمومية المماثلة.
       5 إبداء الرأي في إطار الإجراءات المقدرة لكل تدبير تترتب عنه آثار مالية على ميزانية الدولة لا سيما العناصر المكونة لآثار الرواتب و أنظمة التعويضات و المعاشات المتعلقة بموظفي الإدارات و المؤسسات العمومية و الهيئات المماثلة.
       6 المبادرة بتطبيق الإجراءات الرامية إلى توسيع إستعمال الطرق الحديثة في التسيير الموازني .
       7 المبادرة بأي دراسة إستكشافية تتعلق بميزانية الدولة.
       إن إسترجاع وزارة الإقتصاد للمهام الإقتصادية ، يظهر كحتمية للتنظيم الإقتصادي و يندرج ضمن مساعي تدعيم أداء المصالح المركزية للدولة خصوصا بعد التخلي عن نظام الوصاية على المؤسسات الإقتصادية من طرف الوزارارت التقنية ووزارة المالية و حاجة الحكومة إلى أداة منظمة للضبط و التوجيه الإقتصادي، مما يحتم تحول الوزارة إلى قطب لتعميم تطبيق الرشادة الإقتصادية     و مركزا لحسن إستعمال الموارد المالية و المؤهلات الفنية، و الواجهة العاكسة للبرامج الإقتصادية من حيث الإعداد و الصياغة و متابعة التنفيذ، كذلك المفاوض الدائم مع المصالح المالية الأجنبية، حيث يفرض هذا الدور المتعدد العلائق التكفل بجملة من الجوانب و التي شكلت محور إهتمام الدولة منذ الشروع في تطبيق الإصلاحات الإقتصادية و المتمثلة على الخصوص فيما يلي:

       - تحديث وسائل وطرق عمل الإدارة الجبائية من خلال تجهيز المصالح بالمعدات اللازمة و بتجهيزات الإعلام الآلي، بعد أن تكشفت هذه الأخيرة عن عجز ملحوظ في إمكانياتها المادية و في هياكل الإستقبال و المقرات.
       - بعث برنامج واسع على المدى المتوسط لتكوين الإطارات و تحسين مستوى العاملين في القطاع المالي بمختلف مستوياته و كل قطاعاته، و ذلك بغية الوصول إلى مستوى الأداء المهني المرتفع، و بالتالي التحكم في تطبيق التدابير المالية و الجبائية التي أدخلت في إطار الإصلاحات الإقتصادية.
       - مراجعة القوانين و التنظيمات الخاصة بمستخدمي القطاع المالي و ذلك بتقنين الحوافز و إصدار القوانين الأساسية لكل سلك من أسلاك المستخدمين،         و التكفل أكثر بالمتطلبات الإجتماعية و المهنية لهم.
       - تكييف التنظيم الإداري للمصالح المركزية و الخارجية مع المهام          و الصلاحيات الجديدة تمكينا لأداء مقبول.

       و الواقع أن التكيف مع المهام الجديدة يشكل أكبر الصعوبات فالنتائج المحققة تفرز آثارها الإيجابية أو السلبية على مسار الإقتصاد الوطني بكامله، لهذا شكلت الإصلاحات الإدارية و إعادة تنظيم المصالح المالية الشطر الثاني ضمن الإصلاحات الإقتصادية إلى جانب تطوير النصوص الجبائية، و نظامي الأسعار و القرض فعدم فعالية الإدارة الجبائية يحول دون الوصول إلى تحقيق الأهداف المالية خاصة        و الإقتصادية عامة.

البنوك: يقتضي تحريك النشاط الإستثماري إقامة قنوات تمويل فعالة        و نشطة، هو ما شكل بالفعل أحد إهتمامات الدولة منذ السنوات الأولى للإستقلال حيث سمح بإنشاء البنك المركزي الجزائري في 13 ديسمبر 1962 و هذا يعتبر اللبنة الأولى للسيادة النقدية، و كذلك تأميم البنوك الخاصة بإنشاء بنوك عمومية تجارية حيث سبقها إنشاء كلا من الصندوق الوطني للتوفير و الإحتياط ( 10 أوت 1964 ) و الصندوق الجزائري للتنمية ( 07 ماي 1963 ) الذي تحول إلى البنك الجزائري للتنمية سنة 1972، و هذا ما سمح بإقامة شبكة مصرفية هامة أسندت إليها مهام تسيير تمويل الإستثمارات و تعبئة الإدخار، مع إضطلاع الخزينة العمومية بالدور الرئيسي في تمويل إستثمارات القطاع العمومي، فضلا عن المساهمات النهائية لإستثمارات الدولة.

       إن تكفل الخزينة العمومية بتوفير الموارد اللازمة للإستثمارات يرجع إلى غياب دورة بنكية للتمويل تستجيب لحاجات الإقتصاد الوطني خصوصا في الصناعة، و ذلك من خلال تحريك مواردها المختلفة و باللجوء إلى البنك المركزي، الذي فقد شيئا فشيئا كثير من صلاحياته و تحويله إلى أداة بسيطة لتوفير السيولة النقدية        و تنفيذ سياسة القرض المسطرة من طرف وزارة المالية.

       لهذا شكل أصلا نظامي النقد و القرض، من ضمن التوجهات الإقتصادية الجديدة و التي صيغت في إطار قوانين النقد و القرض منذ سنة 1986، ثم أخيرا في سنة 1990 بموجب قانون 90/10 المؤرخ في 14/04/1990 المتعلق بالقرض     و النقد الساري المفعول، لكي يسند للبنك المركزي مهامه الأصلية و المتمثلة في كونه مؤسسة للإصدار، و بنك الدولة، و بنكا للبنوك و المؤسسات المالية.

       البنوك التجارية و المتمثلة في المؤسسات التالية: البنك الوطني الجزائري، القرض الشعبي الجزائري، البنك الجزائري الخارجي، بنك الفلاحة و التنمية الريفية، بنك التنمية المحلية، هي مؤسسات مالية تعرف ديناميكية جديدة و محيط تعامل إنبثق عن التغيرات الإقتصادية، بحيث يتعين أن تتحول من مجرد شبابيك لصرف الأموال الموجهة إلى مصدر لقرارات التمويل.

       لأن البنوك تعتبر من الناحية المالية الأكثر تأهيلا لإمداد المؤسسة بالإمكانيات المالية و المعروفة، مع مراعاة قواعد المردودية كشرط ضروري لبعث التمويل بطرق سليمة مادامت البنوك التجارية تخلصت من الوصاية المباشرة و تحكمها قواعد التسيير الإقتصادي.                      
تنفيذ الميزانية
تشكل مرحلة التحضير أو ما يعرف بالتقدير بداية حياة الميزانية، حيث تحدد الإمكانيات و ترسم عناصر النفقات بإعتماد أدوات تقنية خاصة بالإيرادات و النفقات، فيقدر سلامة التقدير، بقدر ما يسهل التنفيذ.

تقدير النفقات: يعتمد في تقدير النفقات أساسا على إعتبار وجود حد أدنى ضروري لسير المصالح المختلفة للدولة و الوارد في ميزانية السنة الماضية         و المرتبط بنفقات دائمة تسمح للإدارة بمواصلة نشاطها دون إدخال عناصر جديدة لهذا تدرج هذه الأعباء كحساب الأساس، بحيث لا يستوجب على الحكومة تبريرها أمام النواب حيث سبق لهم الموافقة عليها، تضاف إلى الإعتمادات الراتبة، رخـص جديدة مرتبطة بالسنة المعنية و الناجمة عن سعي الحكومة إلى إدراج أعباء إضافية تمكنها من تجسيد توجهاتها الإقتصادية و الإجتماعية، و بالتالي يتطلب الأمر تبريرها أمام النواب.
       و لتسهيل التقدير تدرج الإعتمادات في أحد الأصناف التالية:

الإعتماد التقييمي: و يستعمل للوفاء بديون الدولة الناجمة عن أحكام تشريعية أو إتفاقيات مبرمة قانونا، و كذلك تكاليف العدالة و التعويضات المدنية، و تسديد المبالغ المحصلة من غير حق و الإعفاءات من الضرائب و الرسوم و المبالغ المستوردة إذ لا يمكن تصور عدم تسديد و تنفيذ حكم قضائي بحجة عدم توفر الإعتمادات.

الإعتماد الوقتي: و يتعلق بالنفقات المخصصة طبقا لقانون أو مرسوم و التي لا يمكن أن يتناسب بدقة مبلغها مع مبلغ التخصيص في الميزانية و تحدد قائمة الفصول التي تكتسي تخصيصاتها طابعا وقتيا في كل سنة بموجب قانون المالية، كما لا يمكن الأمر بدفع نفقات من الإعتمادات الوقتية إلا في حدود الإعتمادات المفتوحة و إذا ما تبين خلال السنة أن المبالغ غير كافية، يمكن إتمامها بإقتطاعات من الإعتماد الإجمالي المدرج بداخله الفصل المشمول بالإتمام.

الإعتماد الحصري: و يتعلق بباقي الإعتمادات التي لا تدخل في إطار الصنفين المذكورين، أي ما يعادل 90% من إعتمادات الميزانية، حيث يتعين التقيد في الإلتزام أو الأمر بالصرف بحدود المبلغ المخصص.




تقدير الإيرادات: يستند التقدير في مواد الإيرادات إلى جملة من المعايير الإقتصادية و الإجتماعية و الإحصائية، أو ما يعرف بطريقة التقدير المباشر، نظرا لمرونتها و دقتها و قربها من الواقع الإقتصادي، و الإرتكاز على المعلومات        و المعطيات الجديدة فتكون الإنجازات أكثر قربا من التنبؤات، هذه العملية تضطلع بها إدارة وزارة الإقتصاد بمفردها على خلاف التقديرات المتعلقة بالنفقات حيث تباشرها مختلف الدوائر الوزارية المنفقة.

بعد تحضير الميزانية من طرف وزارة الإقتصاد و مناقشتها و إتمام بنودها في مجلس الوزراء، تعرضها الحكومة على المجلس الشعبي الوطني للمصادقة      أو التصويت لكي تدخل حيز التنفيذ في صورة نص تشريعي.

1 تبويب النفقات العمومية: بعد نشر و إصدار قانون المالية في الجريدة الرسمية، يشرع في إصدار المراسيم التوزيعية حسب كل دائرة وزارية (عناوين، أقسام، فصول) وفق ما تم عرضه على النواب، حيث يتعين الإلتزام في التنفيذ بما هو وارد في المراسيم المذكورة.

       و تمر النفقة قبل صرفها بثلاثة مراحل إدارية تليها مرحلة محاسبية تعرف بالتسديد أو الدفع.

الإلتزام: بموجبه تتعهد هيئة عمومية بتحمل عبء معين فتصبح بموجبه الدولة مدينة للغير، كإبرام صفقة أو تعيين موظف أو إقتراض و غيرها، و تمنح صلاحية التعهد للآمر بالصرف المكلف بتسيير الفصل المحتوى للإعتماد، و ذلك بعد تأشير الإلتزام من طرف المراقب المالي في بعض الحالات.

التصفية: تهدف عملية التصفية إلى تحديد المبلغ بدقة و التأكد من حقيقة الدين الذي يقع عبأه على الدولة من خلال تطابق العمل المنجز.

الأمر بالصرف: و هو بمثابة طلب دفع المبلغ المحدد، على شكل أمر موجه من الآمر بالصرف إلى المحاسب من أجل دفع المبلغ المستحق.

الدفـع: و هي المرحلة المحاسبية، يراقب بصددها المحاسب العمليات الإدارية السابقة، ليتأكد من توفر الإعتمادات الكافية، و سلامة إدراج النفقة في الفصل المعني، و كذلك إنجاز العمل المقصود بالدفع، بعد ذلك يحرر المحاسب حوالة دفع ليصب المبلغ في الحساب البنكي أو البريدي أو بواسطة حوالة بريدية لفائدة المعني.

2 الأعوان المكلفون بالتنفيذ: يضطلع بتنفيذ عمليات الميزانية كل من الآمرين بالصرف و المحاسبين، في إطار مبدأ الفصل بينهما بحيث لا يجوز الإضطلاع بالمسؤوليتين من طرف عون واحد.

أ مبدأ الفصل بين الآمرين بالصرف و المحاسبين: يشكل هذا المبدأ قوام النظام المالي و مفاده أن الذين يوجهون أوامر التنفيذ، ليسوا هم الذين ينجزونها      و إنما يتكفل بذلك موظفون عموميون منفصلون عن أصحاب الأمر و القرار المالي، و يستند هذا الفصل إلى جملة من المبررات:

يسمح بتوزيع و تقاسم المهام بين عمليتين: الأولى إدارية و تتمثل في الإلتزام و التصفية و الأمر بالصرف، حيث تتطلب مهارات و قدرات إدارية معينة، كإختيار الموظفين الجدد، و معاينة الأشغال و إبرام الصفقات، و ذلك بإستعمال وسائل و طرق تقنية و إدارية.

أما العملية الثانية فتخص تحريك الأرصدة بقبض الإيرادات أو دفع النفقات، و هي تتشابه في كل المصالح العمومية خلافا للعملية الأولى التي تختلف من إدارة إلى أخرى، حيث مضمون التصرفات الإدارية واسع و متشعب، في حين العمليات المحاسبية تتسم بالتجانس و هو ما يبرر إسنادها إلى أعوان متميزين عن أعوان الطائفة الأولى.

يمكن للوزير المكلف بالمالية من مراقبة الأرصدة العمومية في إطار وحدة الصندوق و بالتالي إشرافه و رقابته على الأعوان المكلفين بتحريك هذه الأرصدة              و خضوعهم له من حيث التعيين و العزل و الترقية و غيرها.
       يقوم الآمرون بالصرف بمسك حسابات إدارية تخص الإلتزام و الأمر بالصرف في حين يرتب المحاسبون حسابات تسيير ( دخول و خروج الأرصدة ) فتسهل المراقبة من خلال مقارنة النوعين من الحسابات و إستخلاص مواقع الخلل.

من شأن مبدأ الفصل فضلا عن تسهيل المراقبة منع التزوير، حيث يشكل كل واحد منهما مراقبا للآخر، يتفحص حساباته، فتقل فرص التواطؤ و الإختلاس عن ما يمكن حدوثه لو كلف العون الواحد بالإلتزام و التسديد معا، و هو ما تمنعه صراحة المادة 55 من القانون 90/21 المؤرخ في 15 أوت 1990 و المتعلق بالمحاسبة العمومية " كما لا يجوز لأزواج الآمرين بالصرف بأي حال من الأحوال أن يكونوا محاسبين معينين لديهم ".

       ب الآمرون بالصرف: الآمر بالصرف هو كل شخص يؤهل سواء بالتعيين أو بالإنتخاب لتنفيذ عمليات الإلتزام و التصفية و الأمر بالصرف، و إعتماده لدى محاسب عمومي، من أجل إنجاز عمليات الإيرادات و النفقات، و يعرفه " ديقو " بقوله " يعتبر آمر بالصرف عمومي بالموارد و النفقات كل شخص له صفة بإسم الدولة أو مجموعة محلية أو هيئة عمومية في إبرام تصرف و تثبيت و تصفية ديون أو الأمر بتغطية دين أو تسديده ".

       و حسب المادة ( 25 ) من القانون 90/21 سالف الذكر، فإن الآمرين بالصرف هم رئيسيون أو ثانويون، فالرئيسيون هم:

       المسؤولون المكلفون بالتسيير المالي للمجلس الدستوري و المجلس الشعبي الوطني و مجلس المحاسبة.

       - الوزراء.
       - الولاة عندما يتصرفون لحساب الولاية.
       - رؤساء المجالس الشعبية البلدية الذين يتصرفون لحساب البلديات.
       - المسؤولون المعينون قانونا على المؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري.
       - المسؤولون المعينون قانونا على مصالح الدولة المستفيدة من ميزانية ملحقة.
       - المعينون أو المنتخبون لوظائف لها من بين الصلاحيات تنفيذ عمليات الإلتزام التصفية و الأمر بالصرف في إطار إنجاز الإيرادات و النفقات.

       أما الآمرون بالصرف الثانويون، يباشرون هذه المهمة بصفتهم رؤساء المصالح غير المركزة، و ينجزون عمليات الميزانية في حدود مجال إختصاصهم    و في إطار الإقليم المعينين فيه، و بتفويض من الوزير الآمر بالصرف الرئيسي.
      
       يستطيع الآمرون بصرف الرئيسيون تفويض سلطاتهم أو إستخلافهم في حالة غيابهم أو حصول أي مانع و ذلك بموجب عقد تعيين يحرر قانونا و يبلغ للمحاسب العمومي المعني.

       كما يمكن كذلك للآمرين بالصرف الرئيسيين تفويض التوقيع للموظفين المرسمين العاملين تحت سلطتهم المباشرة، و ذلك في حدود الصلاحيات المخولة لهم و دائما تحت مسؤوليتهم، التي هي مسؤولية مزدوجة مدنية و جزائية، فضلا عن المسؤولية التأديبية و السياسية، للوزراء و الولاة و رؤساء المجالس الشعبية البلدية، بالنسبة للمسؤولية السياسية، أما المسؤولية التأديبية فتسرى في حق الآمرين بالصرف الثانويين في مواجهة رؤسائهم.

ج المحاسبون العموميون: يعتبر محاسبا عموميا كل شخص يعين بصفة قانونية للقيام بتحصيل الإيرادات و دفع النفقات، و ضمان حراسة الأموال أو السندات أو القيم أو الأشياء أو المواد المكلف بها و حفظها، و كذلك تداول الأموال   و السندات و القيم و الممتلكات و العائدات و المواد، مع القيام بمسك الحسابات لحركة الموجودات.

       يعين أو يعتمد المحاسب العمومي من طرف الوزير المكلف بالمالية،        و يمارس عليه سلطته الرئاسية.

       يراقب المحاسب مشروعية التحصيل أو الدفع، خلافا للآمر بالصرف، الذي يتصرف في إطار الملائمة، لهذا يتعين على المحاسب قبل قبوله دفع نفقة ما أن يتحقق مما يلي ( المادة 36 من قانون 90/21).

       مطابقة العملية مع القوانين و الأنظمة المعمول بها صفة الآمر بالصرف           أو المفوض له- شرعية عملية تصفية النفقات توفر الإعتمادات كون الديون لم تسقط آجالها أو أنها محل معارضة الطابع الإبتدائي للدفع تأشيرات عمليات المراقبة التي نصت عليها القوانين و الأنظمة المعمول بها الصحة القانونية للمكسب الإبدائي.

مسؤولية المحاسب العمومي: يعتبر المحاسب العمومي مسؤولا شخصيا     و ماليا عن العمليات الموكلة إليه، منذ تنصيبه إلى غاية إنتهاء مهامه، مما يعني عدم مسؤوليته عن تسيير سابقيه، إلا بشأن العمليات التي فحصها دون أن يبدي أي تحفظ أو إعتراض بشأنها عند تسلمه للمهام، وتحرك مسؤولية المحاسب من طرف الوزير المكلف بالمالية أو مجلس المحاسبة.

       و للمحاسبين العموميين إمكانية التضامن إتجاه المسؤولية و ذلك بتكوين تعاضدية للمحاسبين العموميين للمواجهة المادية ضد نتائج تقدير مسؤولية أحد المحاسبين أو الأشخاص الموضوعين تحت أوامره، غير أن الوزير المكلف بالمالية بإمكانه التدخل بإبراء مجاني جزئي أو كامل من دفع باقي الحساب المطالب به محاسب عمومي ثبت حسن نيته.

       إن التشديد في مسؤولية المحاسب الشخصية و المالية تفرض عليه الحرص على فحص دقيق للأوامر الموجهة إليه بالتحصيل أو بالدفع، و إذا ما تبين له أن تصرفا ما تعلق به عيب من عيوب المشروعية جاز له رفض القيام بالدفع.

       الآمر بالصرف بإستطاعته طلب تجاوز الرفض كتابيا، و يكون الدفع تحت مسؤوليته فتستبعد بالتالي المسؤولية الشخصية و المالية للمحاسب، ويسرى التسخير في حقه إلا إذا علل رفضه للتسخير بمبررات تتعلق بما يلي: ( المادة 48 من قانون 90/21 ).
               
       عدم توفر الإعتمادات المالية ما عدا بالنسبة للدولة عدم توفر أموال الخزينة إنعدام إثبات أداء الخدمة طابع النفقة غير الإبرائي إنعدام تأشيرة المراقب المالي أو تأشيرة لجنة الصفقات المؤهلة عندما يشترط القانون ذلك.

       إن وجود الرقابة القبلية للنفقات قبل الأمر بصرفها من طرف المحاسب يكتسي أهمية بالغة، فالمراقب المالي يتحقق قبل وضعه لتأشيرة قبول النفقة من توفر الإعتمادات، و صحتها حسب القوانين و التنظيمات كما يقدم النصح للآمر بالصرف، و هو ما يسهل الأداء سواء بالنسبة للآمر بالصرف أو المحاسب.
مراقبة المالية العمومية
تهدف المراقبة إلى التعرف على مواقع الخلل و إصلاحها دون ترك الأخطاء تتعدد و تنشر، فيصبح علاجها باهظ التكاليف كما تسمح في نفس الوقت بتعميم الخبرات الجيدة و مكافأة المسيرين الجديين، و محاربة السلوكات الضارة             و الإنحرافات ( إهمال تواطؤ ) و معاقبة أصحابها.

       و تهدف المراقبة المالية التي هي جانب من جوانب الرقابة إلى التحقق من إلتزام المنفذين بالقوانين و التنظيمات، و إمتثالهم لقواعد التسيير السليم و محافظتهم على الأموال الموضوعة تحت تصرفهم، و حرصهم على إستيفاء حقوق الدولة       أو الأشخاص العامة المعتدمين لديها أو المسؤولين عليها، كما أنها تكتسي خصوصية بارزة من الناحية السياسية إذ تمكن ممثلي الأمة من متابعة أعمال الحكومة و كيفية إستخدامها للمالية العمومية.

       و نظرا لإتساع مجالات إستخدام المالية العمومية و تعددها تمارس مراقبتها من طرف أجهزة متنوعة المهام و متباينة الطبيعة و لكنها تشترك في الهدف و هو ضمان إستخدام جيد و مشروع للإعتمادات، و بالتالي تبرز أنواع المراقبة بالنظر إلى هيكل الممارس لها، و تتفرع إلى رقابة برلمانية، رقابة قضائية، رقابة إدارية.


1 الرقابة البرلمانية: يمارس المجلس الشعبي الوطني رقابته في مواد المالية العمومية، بصفة كاملة سواء بمناسبة عرض مشروع قانون المالية عليه للتصويت أو بتشكيل لجنة مراقبة أو بإستخدامه للوسائل العامة في الرقابة كتوجيه الأسئلة الشفوية و المكتوبة لأعضاء الحكومة أو الإستجواب.

       و تميل رقابة المجلس الشعبي الوطني إلى الجانب السياسي أكثر من الجانب المالي و لهذا يعتبرها البعض قليلة النجاعة و الفعالية من الناحية المالية بإعتبارها ترتكز على المحاور الكبرى و تفلت منها عادة المسائل التفصيلية، و التي ضمنها تكثر المخالفات و تتعدد الإختراقات للأمور القانونية.

       تضطلع لجنة المالية و الميزانية و التخطيط إحدى اللجان الدائمة للمجلس الشعبي الوطني بدراسة معمقة لمشروع قانون المالية و إقتراح التعديلات            و الإضافات التي تراها مناسبة بغية إدراجها في تقريرها الذي يعرض على النواب في الجلسة العامة حيث تثري اللجنة تقريرها بالإستماع الى ممثل الحكومة بشأن توضيح المسائل الغامضة في المشروع، كما يساهم النواب بآراءهم و تدخلاتهم      و إستفساراتهم في إستجلاء مواقع الغموض و دفع ممثل الحكومة إلى تدعيم المشروع بالتفسيرات الضرورية، كل هذا يتم قبل الشروع في التصويت.

       لجان التحقيق و المراقبة: يمكن للمجلس الشعبي الوطني التحقيق في كل قضية ذات مصلحة عامة بواسطة لجنة تحقيق و مراقبة حسب ما هو منصوص عليه في المادة (151) من الدستور " يمكن للمجلس الشعبي الوطني في إطار إختصاصاته أن ينشئ في أي وقت، لجنة تحقيق في أي قضية ذات مصلحة عامة ". و من هنا يمكنه تأسيس لجنة تحقيق بناءا على لائحة إقتراح يقدمها عشرة نواب على الأقل أو من مكتب المجلس أو من لجانة الدائمة أو بمبادرة من طرف رئيس الجمهورية.

و تتمثل وظيفة لجنة التحقيق في جمع معلومات تخص وقائع معينة، و تبليغ خلاصتها إلى المجلس، و هذا خلافا للجنة المراقبة التي توجه جهودها إلى فحص التسيير المالي و الإداري لمصالح الدولة أو المؤسسات العمومية و ينتخب المجلس أعضاء لجنة التحقيق بحيث يتعدى عددهم خمسة عشر عضوا، ولا يكون المقترحون أعضاء فيها.
             
تجري اللجنة تحقيقاتها إما بناءا على المستندات أو في عين المكان كما يمكنها الإستعانة بمصالح تقنية خبيرة من القطاع العام، و بعد فراغ اللجنة من تحرياتها ترسل عن طريق رئيسها نسخة إلى السلطة الوصية لتقديم ملاحظاتها.
             
تتمتع لجان التحقيق و المراقبة التابعة للمجلس الشعبي الوطني بصلاحيات واسعة في ميدان التحري، و ذلك لكونها تستطيع طلب الهيئات محل تحرياتها       و كذلك الإدارات و المصالح المختصة، بتبليغها الوثائق و المعلومات كما يمكنها الإطلاع على كل المستندات و الوثائق التي تحتاجها، ما عدا تلك المتعلقة بأسرار الدفاع الوطني، كما يمكن للجنة الإستماع إلى الأشخاص الذين بحوزتهم معلومات    أو شهادات مفيدة.

غير أنه يتعين على لجان التحقيق و المراقبة أثناء مباشرتها لمهامها إحترام قواعد إدارة و تسيير الهيئات التي تقع عليها المراقبة و كذا صلاحيات المسيرين    و السلطات الوصية على هذه الهيئات.

تنتهي مهمة لجنة التحقيق و المراقبة سواء بإكتمال تحقيقها أو بانقضاء الأجل القانوني و هو ستة أشهر، مع جواز تمديده بشهرين من طرف رئيس المجلس الشعبي الوطني، و ذلك سواء أكملت أشغالها أو لم تكملها، و تعد اللجنة تقريرا عن نتائج تحقيقها و مراقبتها تسلمه إلى رئيس المجلس الشعبي الوطني الذي يبلغه لنواب المجلس و الحكومة، و يتضمن التقرير ما يلي:

- جميع المعاينات و الملاحظات التي تتعلق بالفرض من المراقبة و التحقيق.
- بيان الوقائع التي تستدعي إتخاذ إجراءات خاصة.
- الإقتراحات الكفيلة بتفادي تكرار النقائص و مظاهر الإهمال و الإنحرافات التي تمت ملاحظتها، و منها فعالية الإطار القانوني أو التنظيمي و حول ضرورة تكييفه أو إعادة النظر فيه.
     
و أخيرا، مهما قيل عن عدم فعالية الرقابة البرلمانية بواسطة لجان التحقيق           و المراقبة فإنها تبقى رقابة ذات خصوصيات نيابية متميزة عن كلا من الرقابة الإدارية و الرقابة القضائية، و قد أنشأ المجلس الشعبي الوطني لجانا للتحقيق        و المراقبة في قضايا هامة كقضية " الباسو " و قضية " 26 مليار ".

فضلا عن ممارسة وظيفة المراقبة بواسطة لجان التحقيق و المراقبة فإن للمجلس أيضا وسيلة أخرى هي تلقي التقارير السنوية.

التقارير السنوية: حددت المادة الأولى من قانون 80/04 أهم التقارير السنوية التي يتلقاها المجلس الشعبي الوطني في إطار إستيقائه للمعلومات الضرورية لممارسة وظيفة المراقبة، و تتمثل هذه التقارير فيما يلي:

- التقرير السنوي لتنفيذ المخطط الوطني للتنمية.
- التقرير السنوي للجنة المركزية للصفقات العمومية.
- التقرير السنوي للمفتشية العامة للمالية.
- تقارير المجالس الشعبية الولائية و البلدية المتعلقة بالرقابة.
- التقارير السنوية عن النشاطات المؤسسات العمومية.
- تقارير مجالس عمال المؤسسات العمومية المتعلقة بالرقابة.
- التقرير السنوي لمجلس المحاسبة ( المادة 13 من قانون 90/32 ).

2 الرقابة القضائية:
* يعتبر مجلس المحاسبة أعلى مؤسسسة للمراقبة في مجال المالية العمومية، و أكثر فعالية و كذلك إختصاصا و شمولية، حددت كيفية ممارسته للمراقبة بموجب قانون رقم 90/32 المؤرخ في 04 ديسمبر 1990 و المتعلق بمجلس المحاسبة      و سيره، بحيث يعتبر هيئة مستقلة ذات صلاحيات واسعة في ميدان الرقابة اللاحقة لمالية الدولة و المجموعات المحلية و المرافق العمومية و كل الهيئات الخاضعة لقواعد القانون الإداري و المحاسبة العمومية، و بالتالي تخرج من نطاق رقابته المؤسسات العمومية الإقتصادية.
يختص مجلس المحاسبة بمراقبة مختلف الحسابات و يتحقق من دقتها        و صحتها و نزاهتها و التي يقدمها الآمرون بالصرف و المحاسبون العموميون،     و تكون الرقابة مستخلصة بإتهام أو إبرام أو إبراء كلا من الآمر بالصرف         و المحاسب العمومي.

أ ) تنظيم مجلس المحاسبة: يتكون مجلس المحاسبة من أعضاء يتولون تسييره و مباشرة مهام المراقبة، بحيث يتولى التسيير مجلس متكون من : رئيس مجلس المحاسبة ( رئيسا ) المراقب العام  رئيس قسم الأكبر سنا مستشارين إثنين منتخبين محتسبين إثنين منتخبين لمدة ثلاث سنوات يتولى المجلس التسيير الإداري لشؤون موظفية من حيث التوظيف، النقل، الترقية، الإنتداب       و التسريح .

أما الرقابة فيتكفل بها كل أعضاء مجلس المحاسبة وهم: رئيس المجلس نائب الرئيس المراقب العام رؤساء الأقسام المستشارون، رؤساء قطاع الرقابة المحتسبون و هم يتمتعون بالحماية الضرورية لمباشرة مهامهم، و خصوصا ضد التهديدات و الإهانات و الإعتداءات المختلفة.

لم يعد مجلس المحاسبة يمارس رقابة قضائية كما كان السابق، و إنما تبقى رقابته متبوعة بنظر المحاكم عند وجود مخالفات.

ب) رقابة مجلس المحاسبة: يتعين على كل آمر بالصرف و على كل محاسب عمومي أن يودع حسابات تسييره للسنة المنصرمة لدى مجلس المحاسبة الذي يتفحصها و يراجعها و عند الحاجة على كل منهما تقديم الوثائق و المستندات التي يطلبها المجلس، كما يمكن للمجلس إجراء كل التحريات الضرورية كذلك حق الدخول للمكاتب و المحلات التابعة للهيئات الخاضعة لرقابة المجلس.

يصدر مجلس المحاسبة عند ممارسته لإختصاصاته الرقابية قرارات مسببة بحيث:

- يراجع الحسابات الإدارية التي يقيمها الآمرون بالصرف للمجموعات العمومية و يختمها بواسطة التصريح بالتطابق، و كذلك يصفي حسابات المحاسبين العموميين.
- يأمر بترتيب المحاسبة و إستكمالها عند ملاحظته نقائص أو تأخير في مسكها.
- يفصل في المسؤولية المالية للمحاسبين المشكوك في تسييرهم.
- يتفحص التسييرات الفعلية و يصفيها.
- يدين المسيرين المخطئين بدفع غرامة مالية.

تتبع تصفية الحسابات في المجلس بصدور قرار منه يقضى ببراءة المحاسبين العموميين أو إدانتهم، و عندما تثبت إدانة المحاسب عليه بتسديد ما إستحق لصالح الخزينة العمومية، كما ينجز فضلا عن ذلك تقرير مسؤولية جزائية بالحبس من شهرين إلى ستة اشهر، و بغرامة مالية تتراوح مـن 500 إلى 5.000 دج أو بإحدى هاتين العقوبتين ( المادة 66 من قانون 90/32 ) كما يمكن للقضاء الجزائي الحكم بغرامة مالية تتراوح من 1.000 إلى 6.000 دج عن الأشخاص الذين يتدخلون بدون حق أو تأهيل في تسيير محاسبة إدارة عمومية.

و تعتبر من باب المخالفات المتعلقة بالتسيير ما يلي:( المادة 65 من قانون 90/32).

- إلتزام أودفع المصاريف المحققة بتجاوز حد الترخيصات الخاصة بالميزانية أو إختراق القواعد المطبقة فيما يتعلق بالمراقبة المسبقة للمصاريف العمومية.
- الخصم غير القانوني للمصاريف بغرض أخطاء أو تجاوز الإعتمادات    أو تغيير التخصيص الأصلي للإعتمادات أو الإعانات الواردة في الميزانية.
- رفض التأشير بدون أساس، أو العرقلة غير المبررة من طرف هيئات الرقابة.
- منح تأشيرة قبول النفقة، دون توفر الشروط القانونية، سواء تم ذلك من طرف المراقبة المالية أو المحاسب المعني.
- مطالبة محاسب عمومي بدفع نفقات دون الإستناد إلى قاعدة قانونية       أو تنظيمية مما ينجر عنه إستعمال سيء للنفقة العمومية.
- تنفيذ عمليات إنفاق ليست لها علاقة بأهداف الجماعات أو مهمة الهيئات العمومية المعنية.
- كل تهاون يؤدي إلى عدم الدفع في الآجال و حسب الشروط القانونية لمحصول الإيرادات الجبائية أو شبه جبائية التي تم الإقتطاع منها أصلا.
             
يمكن الطعن في قرارات المجلس أمام الجهة القضائية المختصة، فهدف المجلس هو ضمان إحترام القواعد القانونية و التنظيمية الخاصة بتسيير المالية العمومية، و توجيه المسيرين ( آمرون بالصرف محاسبون ) نحو إعتماد مسك الحسابات و إنتظام المحاسبة و التقيد بهدف المصالح التي يسيرون أموالها، و من أجل ذلك يزود القانون مجلس المحاسبة بإمكانيات مادية، بشرية و قانونية على الخصوص تسمح لأعضائه بالتحرك بمرونة و بتتبع التسيير المالي في مختلف مستوياته الوطنية و المحلية، لهذا فإنشاء الغرف الجهوية للمجلس، يمكن من مراقبة مالية المجموعات المحلية و الهيئات الأخرى التابعة لإختصاص رقابته.

3 الرقابة الإدارية: يقصد بالرقابة الإدارية للمالية العمومية، تلك الممارسة من طرف أجهزة خاضعة للسلطة التنفيذية، بمعنى لا تتمتع بالإستقلال الحقوقي كما هو شأن المجلس الشعبي الوطني أو مجلس المحاسبة، و تندرج في هذا السياق المفتشية العامة للمالية، المحدثة بموجب مرسوم 80/53 بتاريـخ 01 مارس 1980 كهيئة للمراقبة تحت السلطة المباشرة للوزير المكلف بالمالية، حيث تمارس رقابة التسيير المالي و المحاسبي في مصالح الدولة و الجماعات العمومية اللامركزية      و المؤسسات العمومية.

يقوم الوزير المكلف بالمالية بتحديد برنامج عمل المفتشية خلال السنة إبتداءا من الشهر الأول من كل سنة آخذا بعين الإعتبار طلبات المراقبة التي يتقدم بها أعضاء الحكومة و مجلس المحاسبة و المجلس الشعبي الوطني.
     
تمارس المفتشية رقابتها بواسطة مفتشين عامين للمالية و مفتشين للمالية      و مفتشين مساعدين، و تتمثل رقابتها في مهام المراجعة أو التحقيق و تتناول:
- شروط التطبيق التشريع المالي و المحاسبي و الأحكام القانونية           أو التنظيمية التي يكون لها إنعكاس مالي مباشر.
- التسيير و الوضع الماليان في المصالح أو الهيئات التي تجري عليها المراقبة.
- صحة المحاسبة و سلامتها و إنتظامها.
- مطابقة العمليات التي تمت مراقبتها لتقديرات الميزانية.
- شروط إستعمال و تسيير الوسائل الموضوعة تحت تصرف هيئات الجهاز المالي للدولة.

تتم رقابة المفتشية العامة للمالية في عين المكان و بناءا على المستندات كما أنها تكون إما فجائية أو بعد إشعار مسبق، غير أنه يتعين على المفتشين عدم التدخل في تسيير المصالح المخصوصة بالرقابة، كما عليهم المحافظة على السر المهني.

و إذا وجد المفتش نقائص أو تأخر كبير في محاسبة مصلحة أو هيئة تمت مراقبتها جاز له أن يأمر المحاسبين باشغال ضبط هذه المحاسبة و إعادة ترتيبها في الحال و إذا لم يكن للمحاسبة وجود أو كانت في حالة تأخر أو عدم ترتيب لدرجة يتعذر معها القيام بالمراجعة العادية، يحرر المفتش محضر تقصير يقدمه إلى السلطة السلمية أو السلطة و إلى رئيس مجلس المحاسبة.

تنجز المفتشية برنامج رقابتها، تحرر في نهاية السنة تقريرا يقدم للوزير المكلف بالمالية، مع تدعيمه بالإقتراحات التي تراها ضرورية لتحسين سير المصالح و تطوير مناهج الضبط المالي و المحاسبي.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

اوامر قاضي التحقيق في قانون الاجراءات الجزائية الجزائري

التحقيق و علم النفس الجنائي

المسؤولية المدنية