الحقوق الشخصية أو التأمينات



الحقوق الشخصية أو التأمينات ( الكفالة )

إن للتأمينات الشخصية صور متعددة منها التضامن النسبي SOLIDARITE PASSIVE و هي تعدد المدينين الملزمون بدين واحد يكون كل منهم ملزم بكل الدين كحالة تضامن المسؤولين عن الفعل الضار المادة 126 ق م ج، و من ذلك أيضا وحدة الدين L’INDIVISIBILITE DE L'OBLIGATION أي عدم قابلية الدين للتجزئة أي إلتزام كل مدين بالوفاء بكل الدين، المواد من 236 إلى 238 ق م ج، و من صورها أيضا الإنابة الناقصة DELEGATION IMPARFAIT و هي أن ينيب المدين شخصا ثالثا يسمى المناب ليفي بالدين إلى الدائن الذي يسمى المناب المدين المواد من 294 إلى 295 ق م ج و هناك ما يعرف بالكفالة LA CAUTIONNEMENT التي سنحاول التعرض إليها بشيء من التفصيل نظرا لإعتبارها أهم التأمينات الشخصية و هي التي نظمها المشرع الجزائري في المواد من 644 إلى 673 ق م ج و ذلك من خلال التعرض إلى تعريفها خصائصها، أركانها و أثارها.

1- التعريف بالكفالة: عرفها المشرع الجزائري في المادة 644 ق م ج بأنها " عقد يكلف بمقتضاه شخص تنفيذ إلتزام بأن يتعهد للدائن بأن يفي بهذا الإلتزام إذا لم يفي به المدين نفسه"، و من خلال هذا التعريف نستخلص أن الكفالة هي قيام إلتزام بين شخصين ( دائن و كفيل) بأن يلتزم هذا الأخير بوفاء الإلتزام إذا لم يف به المدين. و عليه يكون الدائن و الكفيل هما طرفا عقد الكفالة و ليس المدين لأن هذا العقد قد يتم و لو بدون علمه تطبيقا لنص الماد 647 ق م ج التي تقضي بأنه " يجوز كفالة المدين بغير علمه " و المادة 644 تشير أيضا إلى الكفالة غير التضامنية و هي التي تسمى بالكفالة البسيطة أو الكفالة العادية و لكن هناك نوع آخر من الكفالة      و هي الكفالة التضامنية و فيها يكون الكفيل متضامن مع المدين الأصلي فيجوز للدائن أن يرجع على أين منهما بدرجة واحدة و حسب المادة 764 ق م ج فإن الكفلاء في الكفالة القضائية أو القانونية يكونون متضامنين. إذن الكفالة تختلف بإختلاف مصادر الإلتزام فقد تكون كفالة إتفاقية CAUTIONNEMENT CONVENTIONNEL  و قد تكون الكفالة قانونية CAUTIONNEMENT L'EGAL و من أمثلتها ما نصت عليه المادة 851 ق م ج التي تنص" إذا كان المال المقرر عليه حق الإنتفاع منقولا وجب جرده و لزم المنتفع تقديم كفالة به" و قد تكون الكفالة قضائية CAUTIONNEMENT JUDICIAIRE إذا التزم المدين تقديمها بناءا على حكم قضائي مثال على ذلك ما نصت عليه المادة 40/02 ق أ م  التي تقضي بأنه " يجوز للقاضي في جميع الأحوال أن يأمر في حالة الإستعجال بالتنفيذ المعجل بكفالة ".

أ)- خصائص عقد الكفالة: يتميز عقد الكفالة بمجموعة من الخصائص:
* الكفالة عقد رضائي: يعني ذلك أنه تنفذ بمجرد التراضي و لا يشترط لإنعقادها شكلا خاصا، و لا تشترط الكتابة إلا للإثبات المادة 645 ق م ج.

* عقد ملزم لجانب واحد: لأنها لا تنشئ التزاما إلا في ذمة الكفيل و هي تبقى ملزمة لجانب واحد حتى و لو تقاضى الكفيل أجرا من المدين لأن هذا الأخير ليس طرفا في عقد الكفالة.

* عقد تبرعي: هي عقد تبرعي بالنسبة للكفيل لأنه يلتزم بها عادة دون مقابل في مواجهة المدين لأن هذا الأخير ليس طرفا في العقد لكن هذا لا يمنع الكفيل من تقاضي مقابل كفالته من المدين.

* عقد تبعي: و هي أهم خاصية التأمينات الشخصية و العينية فهي لا تقدم إلا لضمان دين أصلي و عليه فلا يجوز أن يكون التزام الكفيل أشد عبأ من التزام المدين تطبيقا لنص المادة 652 ق م ج، " لا تجوز الكفالة في مبلغ أكبر مما هو مستحق على المدين و لا بشرط أشد من شروط الدين المكفول ". كما أن الكفالة تتبع الدين في وجوده و أوصافه و صحته و إنقضاءه.

* عقد مدني: يترتب على صفة التبرع في عقد الكفالة أنها تبقى عقدا مدنيا حتى و لو كان الكفيل تاجرا و هذا حسب المادة 651 ق م ج، و تستثني الفقرة 2 من نفس المادة من هذه القاعدة الكفالة التي تنشأ عن ضمان الأوراق التجارية ضمانا إحتياطيا أو عن تطهير هذه الأوراق و تقول المادة " أن الكفالة في هذه الحالة تعتبر دائما عملا تجاريا ".

* شمول الكفالة لملحقات الدين: تنص المادة 653 على ما يلي: " إذا لم يكن هناك إتفاق خاص، فإن الكفالة تشمل ملحقات الدين و مصروفات المطالبة الأولى    و ما يستجد من المصروفات بعد إخطار الكفيل" مثال على ذلك في عقد الإيجار إخلال المستأجر بدفع الأجرة أو بالمحافظة على العين المؤجرة أو عدم إستعمالها فيما خصصت له أو عدم تسليمها عند نهاية العقد فهذه الإلتزامات تستوجب الإخلال بها التعويض و عليه فكل ما يستوجب مسؤولية المدين العقدية يكون الكفيل ضامنا له طالما لم يكن إتفاق خاص بعدم كفالتها.

ب)- الشروط الواجب توافرها في الكفيل: مهما كان مصدر التزام الكفيل، سواء بمقتضى نص قانوني أو إتفاق أو حكم تضامني فلا بد من توافر مجموعة من الشروط تضمنتها المادة 646 ق م ج و هي كالتالى:

* يسر الكفيل: أي أن يكون الكفيل قادرا على الوفاء بالدين الذي يكفله،      و يقدر هذا اليسر بحسب ما يملك من أموال " عقارات أو منقولات " و للقاضي السلطة التقديرية في معرفة يسر الكفيل لأن الغرض من الكفالة حماية الدائن من خطر إعسار المدين.

* إقامة الكفيل بالجزائر: و ذلك حتى يسهل مقاضاته داخل الوطن و يجب أن يكون متوطنا في الجزائر. و بموجب هذان الشرطان يجب أن تتوافرا في الكفيل طالما بقيت الكفالة قائمة فإذا أصبح معسرا أو غير مقيم في الجزائر وجب على المدين تقديم كفيل آخر.

2)- أركان عقد الكفالة:
أ)- إبرام عقد الكفالة:

أ-1- التراضي في عقد الكفالة: يجب أن تتطابق إرادتي كل من الكفيل     و الدائن و تطبق في هذا المجال القواعد العامة في التعبير عن الإرادة كخلوها من العيوب التي تتطلبها القواعد العامة في صحة العقود، أما المدين فلا حاجة لرضائه لأنه لا يعتبر طرفا في العقد.

و نشير هنا إلى أن أهلية الكفيل يجب أن تكون كاملة لأن الكفالة من عقود التبرع.

أ-2- المحل و السبب:
أ-2-1 المحل:
المحل في الكفالة هو الوفاء بالتزام المدين إذا لم يف به هذا الأخير و يجب أن يكون المحل في عقد الكفالة معينا أو قابلا للتعيين وصفة التبعية تجعل هذا المحل مرتبطا بمحل الإلتزام الأصلي المكفول و عليه لكي يكون إلتزام الكفيل معين أو قابل للتعيين و موجودا أو مشروعا يجب أن يكون محل الإلتزام الأصلي مستوفي لهذه الشروط.

و بإعتبار الكفالة تنشأ لضمان أي التزام مهما كان مصدره سواء كان عقدا  أو عملا غير مشروع و كقاعدة عامة يشترط في الإلتزام المكفول أن يكون صحيحا يثور التساؤل حول أحكام الكفالة عندما يكون الإلتزام المكفول باطلا أو قابلا للإبطال أو معلقا على شرط؟.

للإجابة عن هذا التساؤل فيما يخص كفالة الإلتزام الباطل تنص المادة 648 ق م ج على أنه " لا تكون الكفالة صحيحة إلا إذا كان الإلتزام المكفول صحيحا " أما فيما يخص كفالة الإلتزام القابل للإبطال فإنه كما هو معلوم أن العقد قابلا للإبطال فهو عقد صحيح حتى يحكم بابطاله لذلك تجوز كفالته فإذا أبطلت بطلت الكفالة و إذا أجيز أصبحت صحيحة. أما فيما يخص كفالة الإلتزام الشرطي أو المستقبلي تنص المادة 650 ق م ج على ما يلي: " تجوز الكفالة في الدين المستقبلي إذا حدد مقدما المبلغ المكفول، كما تجوز الكفالة في الدين المشروط " و عليه فإذا كان الإلتزام معلق على شرط واقف أو فاسخ تكون الكفالة هي الأخرى و بحكم تبعيتها للإلتزام المكفول معلقة على شرط واقف أو فاسخ.

تجدر الإشارة إلى أن المشرع الجزائري أورد إستناء في مسألة إبطال الكفالة تبعا لإبطال الإلتزام الأصلي و هو في حالة كفالة المدين علما بنقض أهليته و هذا وفقا للمادة 654 أ ج:" إذا كان الوجه الذي يحتج به المدين يتمثل في نقص أهليته،   و كان الكفيل عالما بذلك وفق التعاقد فليس له أن يحتج بهذا الوجه"، و يستنتج من ذلك أنه إذا كان الكفيل عالما بنقص أهليه المدين فإنه يكون بعلمه قد تنازل عن حقه في التمسك بإبطال الدين الأصلي. فإذا تمسك المدين الأصلي نقص أهليته و حكم له ببطلان العقد فإن الكفالة تكون باطلة بالتبعية. أما إذا لم يكن الكفيل عالما بنقص أهلية المدين في هذه الحالة يجوز له أن يتمسك بنقص الأهلية سواء تمسك بها المدين الأصلي أو لم يتمسك بها.

أما إذا كفل المدين بسبب نقص أهليته فإن الكفيل لا يمكنه أن يحتج بهذا الوجه حتى و لو أبطل الإلتزام الأصلي نظرا لنقص أهلية المدين الأصلي و هذا ما تؤكده المادة 654 ق م ج لأنها تفترض أن الكفيل قد كفل المدين و هو عالم بنقص أهليته: إذن يبقى الكفيل ملزما إتجاه الدائن و تفقد حينئذ الكفالة صفة التبعية.

أ- 2 2: السبب: أما السبب فيختلف أساسا بإختلاف القصد في الكفالة فقد يكون القصد هو التبرع أي توفير الإثنان للمدين، و قد يكون في مقابل قضاء دين على الكفيل إتجاه المدين، أما بالنسبة للدائن فإن سبب الكفالة يكمن في العلاقة بين الكفيل و المدين و عليه فلا أثر لهذه العلاقة ما بين الكفيل و المدين.

ج)- إثبات الكفالة: تنص المادة 645 ق م ج على ما يلي: " لا تثبت الكفالة إلا بالكتابة و لو كان من الجائز إثبات الإلتزام الأصلي بالبينة".

إن هذا النص فيه خروج عن القواعد العامة للإثبات و لعل إشتراط الكتابة للإثبات جاء بقصد التشدد في إثبات التزام الكفيل الذي عادة ما يكون متبرعا لدى كفالة المدين.

و الكتابة المطلوبة هي لإثبات رضا الكفيل لا للدائن و هي ليست مشترط لانعقاد العقد، إذ للكفالة عقد رضائي.

3- آثار عقد الكفالة: تترتب على الكفالة عدة آثار منها آثار مباشرة و آثار غير مباشرة، فالأثر المباشر يظهر فيما بين العلاقة بين الدائن و الكفيل و هما طرفا العقد و الأثر غير مباشر يظهر في العلاقة القائمة ما بين المدين و الكفيل من جهة   و العلاقة بين الكفلاء فيما بينهم في حالة تعددهم.
أ)- آثار الكفالة بين طرفيها ( الكفيل و الدائن): و هنا نفرق بين حالتين:

أ-1 الكفيل غير متضامن مع المدين أو مع كفلاء أخرين: فإذا كفل المدين كفيل واحد طالبه الدائن بالدين كله، أما إذا تعدد الكفلاء لدين واحد و بعقد واحد     و كانوا غير متضامنين فيما بينهم قسم الدين عليهم، أما إذا التزم الكفلاء بعقود متتالية فإن كل واحد منهم يكون مسؤولا عن الدين كله و هذا ما تضمنه حكم المادة 664 ق م ج.

       أ-2 الكفيل متضامن مع المدين و مع غيره من الكفلاء: و هنا نفرق بين المجالات المختلفة للتضامن فقد يكون الكفلاء متضامنين فيما بينهم فقط و متضامنين مع المدين في نفس الوقت فهنا يكون لهم أن يدفعوا بالتجريد دون التقسيم و يقصد بالتجريد هو حالة حصول الدائن على سند تنفيذي و يشرع بالفعل في التنفيذ على أموال الكفيل فحينئذ يحق لهذا الأخير أن يدفع ذلك بأن يلتزم الدائن بالتنفيذ على أموال المدين أولا قبل اللجوء إلى أموال الكفيل.

       أما في حالة ما إذا كان الكفلاء متضامنين فيما بينهم و متضامنين مع المدين في نفس الوقت فهنا تصبح مرتبة الكفيل المتضامن مع المدين متشابهة مع مرتبة المدين المتضامن و هنا لا يحق لهم الدفع بالتجريد كما يجوز لهم الدفع بالتقسيم.

       أما إذا كانو متضامنين مع المدين دون أن يكونوا متضامنين فيما بينهم يسري نفس الحكم الأخير أما إذا كان بعضهم متضامن مع المدين و بعضهم غير متضامن. ففيما يخص المتضامنين ليس لهم لا حق التجريد و لا حق التقسيم أما بالنسبة لغير المتضامين فلهم حق التجريد و التقسيم.

و عليه في حالة التضامن بين الكفلاء و إذا وفى أحدهم بالدين عند حلوله يجوز له أن يرجع على كل الكفلاء في حصتهم في الدين (المادة 668 ق م ج). و لكن إذا تعدد الكفلاء لدين و بعقد واحد و كانوا غير متضامنين فيما بينهم قسم الدين عليهم و للدائن أن يرجع عليهم إلا بقدر كفالتهم.


       ب)- آثار الكفالة بين الكفيل و المدين و غيره من الكفلاء: متى قام الكفيل بالوفاء بالدين للدائن كان له الرجوع على المدين بما وفاه عنه  و قد أوجب المشرع على الكفيل أن يقوم بإخطار المدين قبل الوفاء بالدين حتى يمكن لهذا الأخير أن يمنعه من الوفاء إذا كانت هناك أسباب تقضي بذلك و هذا تطبيقا للمادة 670 ق م ج و لا يكون للكفيل الموفي بالدين حق الرجوع على المدين بما و في عنه في حالتين:

الحالة الأولى: عندما يوفي الكفيل دون مطالبة و إخطار المدين الأصلي بهذا الدفع مما تسبب في قيام هذا الأخير بالدفع ثانيا.

الحالة الثانية: عندما يوفي الكفيل دون مطالبة الدائن له أو دون إخطار المدين الأصلي الذي كان بإمكانه إبداء دفوع من شأنها أن تقضي ببطلان الدين.

4)- رجوع الكفيل على المدين: إذا وفى الكفيل بالدين فإنه يكون في حكم من وفي بدين غيره، و جاز له بالتالي أن يرجع على صاحب المصلحة في هذا الدين و هو المدين طبقا للقاعدة العامة التي نصت عليها المادة 259 ق م ج و طبقا للقواعد العامة أيضا من وفي بدين غيره يكون له أن يرجع على المدين إما يدعوى الحلول أو دعون الشخصية و هذا ما طبقه المشرع في المادة 672 ق م ج.

أ)- رجوع الكفيل على المدين بالدعوى الشخصية: تقوم الدعوى الشخصية على أساس فكرة الوكالة الصريحة أو الضمنية إذ عقدت بعلم المدين و دون معارضته، و تقوم على فكرة الفضالة إذا ما أبرمت بغير علم المدين، و يرجع عليه في هذه الدعوى بأصل الدين و المصاريف التي التزم بها.

و يشترط لإستعمال الدعوى الشخصية أن يكون الكفيل قد وفى بالدين المادة 672 ق م ج و أن يتم الوفاء عند حلول الأجل مع شرط إخطار الكفيل للمدين قبل القيام بالوفاء مع عدم معارضه المدين لهذا الوفاء.


ب)- رجوع الكفيل على المدين بدعوى الحلول: تنص المادة 671 ق م ج، إذا و في الكفيل كان له أن يحل محل الدائن في جميع ما له من حقوق إتجاه المدين. و يقصد بدعوى الحلول أن يحل الكفيل محل الدائن في جميع ما له من حقوق قبل المدين و يحل الكفيل محل الدائن في الحق الذي له بما لهذا الحق المدين باصل الدين دون المصاريف التي أنفقها الكفيل في سبيل الوفاء بالتزامه و لا يشترط للرجوع بدعوى الحلول إخطار المدين من طرف الكفيل قبل الوفاء.

ج)- حالة تعدد المدنبين: قد يكفل الدين، و يكون الملزمون به مدينون متعددون و هؤلاء المدينون قد يلتزمون و هم متضامنين و قد يلتزمون و هم غير متضامنين.

* الرجوع على مدينين متضامنين: حسب المادة 673 ق م ج فإنه إذا تعدد المدينون في دين واحد و كانوا متضامنين فللكفيل الذي ضمنتهم جميعا أن يرجع على أين منهم بجميع ما وفاه من دين.

و إذا وفى أحد المدينين بالدين له أن يرجع على المدينين الباقين كل حسب حصته طبقا لما تقتضيه القاعدة العامة الواردة في 234 ق م ج.

و يرجع الكفيل على المدينين إما بدعوى شخصية أو دعوى حلول و إذا كنا في حالة كفالة بعض المدينين دون البعض الآخر كان له الحق في الرجوع على أي من المدينين الذين كفلهم بإحدى الدعوين الشخصية أو دعوى الحلول و يجوز له الرجوع على الآخرين بدعوى الإثراء بلا سبب و يرجع عليهم بقدرما إستفاد كل واحد منهم.

* رجوع الكفيل على مدينين غير متضامنين: لم تنص المادة 673 ق م ج على هذه الحالة و لكن بمفهوم المخالفة إذا ضمن الكفيل مدينين غير متضامنين فإما أن يضمنهم جميعا أو يضمن البعض دون البعض الآخر، فإذا ضمنهم جميعا فله أن يرجع على كل واحد منهم كل حسب نصيبه في الدين و الرجوع هنا يكون إما بدعوى الحلول الشخصية. ( لكن لا يمكنه الرجوع على المدينين غير المتضلمين).

5- إنقضاء عقد الكفالة: تنقضي الكفالة بصفة تبعية مع الدين الأصلي،     و هناك طريقتين لأنقضاء الكفالة: هناك الإنقضاء بالطريق الأصلي و هناك الإنقضاء بالطريق التبعي.


أ)- الإنقضاء بالطريق الأصلي: تنقضي الكفالة بالطريق الأصلي أي بدون إنقضاء الدين المكفول في العديد من الحالات أهمها حالة إنقضاء عقد الكفالة بسبب من أسباب إنقضاء الإلتزام كالوفاء به مثلا. أو حالة براءة ذمة الكفيل متى تأخر الدائن في إتخاذ الإجراءات من المدين بعد إنذاره من طرف الكفيل بوجوب إتخاذها، أو حالة عدم تقدم الدائن في تفلسه المدين المادة 652 ق م ج.


ب)- الإنقضاء بالطريق التبعي: بما أن الكفالة تابعة للإلتزام الأصلي فإن إنقضاء هذا الإلتزام يستلزم إنقضاء الكفالة أيضا و هي طرق الإنقضاء المنصوص عنها في القواعد العامة كالوفاء أو بما يعادل الوفاء ( أي بمقابل). كما يمكن أن تنقضي الكفالة بالمقاصة أو إتحاد الذمة ( بين الدائن و المدين) أو الإبراء أو التحديد ( تجديد المدين الأصلي لدينه) أو إستحالة التنفيذ أو التقادم.













الحقوق العينية

الحق العيني هو الحق الذي يرد على شيء مادي و يخول صاحبه سلطة مباشرة على هذا الشيء. فلا يوجد وسيط بين صاحب الحق و الشيء موضوع الحق.


                وتطلق على هذه الحقوق تسمية " العينية " لأنها متعلقة بالعين أو الشيء المادي. و تنقسم الحقوق العينية إلى قسمين:

       - الحقوق العينية الأصلية.- الحقوق العينية التبعية.

       أولا: الحقوق العينية الأصلية: تنقسم الحقوق العينية الاصلية إلى حق الملكية و الحقوق المتجزئة عن الملكية.

       1- حق الملكية: هو أوسع الحقوق مضمونا، فهو حق جامع لكفالة المزايا التي يمكن إستخلاصها من الشيء فهو يخول للمالك كافة السلطات على الشيء.

       -حق جامع: إذ يخول لصاحبه جميع المزايا التي يمكن الحصول عليها من الشيء فللمالك أن يستعمل الشيء و يستغله أو يتصرف فيه على النحو الذي يريده.

       - الإستعمال: هو إستخدام الشيء فيما هو يعد له بإستثناء الثمار كالسكن مثلا        أو ركوب الحيوان.

       - الإستغلال: هو القيام بالأعمال اللازمة للحصول على ثمار الشيء. كتأجير دار.

                - التصرف: فللمالك الحق في التصرف المادي أو القانوني في منافع الشيء    و في رقبته.
       - حق مانع: حق الملكية حق مقصور على صاحبه، و يمكنه من الإستئثار بمزايا ملكه.

       - حق دائم: حق الملكية حق يدوم بدوام الشيء.

       فحق الملكية لا ينقضي و لكنه ينتقل بالميراث أو بالوصية.

       ب)- القيود الواردة على حق الملكية: ليست الملكية حقا مطلقا كما كانت عليه في سابق إذ ترد عليها قيود خاصة و أنها تؤدي وظيفة إجتماعية، و القيود الواردة على حق الملكية نوعـان: قيـود قانونية و أخرى إتفاقية.

       *- القيود القانونية: تنص المادة 690 ق م ج: " يجب على المالك أن يراعي في استعمال حقه ما تقضي به التشريعات الجاري بها العمل و المتعلقة بالمصلحة العامة، أو الخاصة "

و عليه يفرض القانون قيودا على حق الملكية بقصد تحقيق المصلحة العامة أو المصلحة الخاصة.

       أ)- القيود القانونية المقررة للمصلحة العامة: القيود الواردة على حق الملكية للمصلحة العامة متعددة ولا يمكننا حصر فمثلا:

       لا يمكن لمالك الأرض منع العمل الذي يجري للمصلحة العمة كمرور الأسلاك الكهربائية من أرضه.
       كما قد تصل المصلحة العامة إلى حد التعارض من المصلة الخاصة، فتنزع ملكيته للمنفعة العامة المادة 677 ق م ج.

ب)- القيود القانونية المقررة للمصلحة الخاصة: تتعلق هذه القيود بإستعمال صاحب الحق لملكيته و هي قيود تقتضيها التزامات الحوار بالا يؤدي إستعمال الجار لحقه إلى إلا قرار بجاره المادة 691/ 1 ق م ج مثاله حق المرور المادة 693 ق م ج و كذلك القيود التي ترجع إلى التلاصق في الجوار المادة 703 ق م ج.

       *- القيود الإتفاقية (قيود إدارية): و هي قيود تقرر بإرادة الأشخاص وبمشيئتهم، كشرط المنع من التصرف كإشتراط البائع على المشتري عدم التصرف في المبيع حتى يتم الوفاء بالثمن كاملا.
       2- الحقوق المتجزئة عن حق الملكية:
       أ)- حق الإنتفاع: تنص المادة 844 ق م ج : " يكتسب حق الإنتفاع بالتعاقد          و بالشفعة و بالتقادم أو بمقتضي القانونالخ).

       فحق الإنتفاع حق عيني يمكن المنتفع من ممارسة سلطته على العين دون وساطة أي شخص، و يشمل هذا الحق: الإستعمال و الإستغلال و ينتهي بموت المنتفع أو بإنتهاء المدة المعينة له المادة 852 ق م ج، أو هلاك الشيء المادة 853 ق م ج، أو ينتهي بعدم إستعماله لمدة خمس عشر سنة المادة 854 ق م ج.

       ب)- حق الإستعمال و حق السكن: هما أضيق في حق الإنتفاع إذ يتحدد نطاقهما بمقدار ما يحتاج إليه صاحب الحق و لأسرة هذا الآخير و يشمل هذا الحق حق الإستعمال في حدود معنية، فليس له من ثمار الشيء سوى نصيب لا يتجاوز حاجته و حاجة أسرته.

       حق السكن فهو لا يخول صاحبه إلا نوعا معينا من الإستعمال هو السكنى فقط، و هو حق مؤقت.
               
ج)- حق الإرتفاق: و هي حقوق متنوعة، فالإرتفاق حق يحد من منفعة عقار لفائدة عقار غيره يملكه شخص آخر، كحق المرور، الشرب و هي حقوق غير مؤقتة فالأصل أن يبقى الإرتفاق ما يقي العقارات، العقار المرتفق و العقار المرتفق به.

       و ينتهي حق الإرتفاق بإنتهاء الأجل المحدد له المادة 878 ق م ج أو بهلاك العقار المرتفق كليا المادة 878 ق م ج أو بإجتماع العقار المرتفق به و العقار المرتفق في يد مالك واحد المادة 878 ق م ج، كما ينتهي حق الإرتفق بالطريقة التي بينت المادة 880 ق م ج.          

ثانيا: الحقوق العينية التبعية:

- الرهن الرسمي ( التأمينات العينية):
مقدمة: إن الكفيل في الواقع شخص يتقدم لضمان المدين و هو لا يوفر الإئتمان للدائن إلا إذا كان موسرا عند حلول أجل الدين، فالكفالة قيمة فعلية كضمان شخص لكن الدائن غالبا ما يتفاجأ ليس فقط بإعسار المدين و إنما حتى بإعسار الكفيل أو الكفلاء إذا تعددوا، و من جهة أخرى الكفالة لا تمنح للدائن على أموال مدينة، بأن يتساوى مع بقية دائني هذا المدين في إقتسام أمواله و نظرا لهذا التصور كان لا بد من اللجوء إلى تأمينات تحقق ضمان أقوى و هي ما يعرف بالتأمينات العينية إذ تقرر هذه الحقوق ضمانا للوفاء بالإلتزامات لذا سميت بالتأمينات العينية.

فالأصل أن ينفد المدين إلتزامه تنفيذا عينيا، فإذا لم يفعل ذلك كان للدائن أن يجبره على التنفيذ و تكون أحوال المدين ضامنة للوفاء بديونه. و الدائن الحريص على حقه يطلب من مدينه ضمانا خاصا و التأمينات العينية تجمعها فكرة تخصيص مال ضمانا للوفاء بدين و من الحقوق العينية التبعية. الرهن الحيازي - حق التخصيص- حقوق الإمتياز. و سنتعرض إليها بشتى من الإيجاز و الرهن الرسمي بإعتباره أهم نموذج للتأمينات العينية و أبرز عنصر في الحقوق التبعية الشعبية. سنتعرض إليه بشيء من التفصيل.

*- الرهن الحيازي: هو حق عيني ينشأ بمقتضى عقد، و يرد إما على عفار        أو منقول و يتميز بكونه يتم إنتقال حيازة الشيء محل الرهن من الراهن إلى المرتهن. فإذا وفى المدين بدينه وجب على الدائن المرتهن رد الشيء المرهون.

*- حق التخصيص: هو حق عيني يتقرر للدائن بموجب حكم رئيس المحكمة التي يقع في دائرة إختصاصها العقار. و للدائن هنا حق التقدم على بقية الدائنين. إذ يخول له حق التخصيص حق تتبع العقار في أي يد كانت.

*- حقوق الإمتياز: هو حق الأولوية يقررها القانون لدين معين مراعاة منه لصفته مثل إمتياز المبالغ المستحقة للخزينة العامة.

 * الرهن الرسمي: عرفته المادة 882 ق م ج بأنه: " عقد يكسب به الدائن حقا عينيا على عقار لوفاء دينه يكون له بمقتضاه إن يتقدم على الدائنين التالين له في المرتبة لإستيفاء حقه من ثمن ذلك العقار في أي يد كان" و عليه فهو يختلف عن الرهن القانوني الذي يرتبه القانون في حالات خاصة كحالة الرهن القانوني للدائن على عقارات مدينه في حالة الإفلاس المادة 254 ق م ج كما يختلف عن الرهن القضائي لأن هذا الأخير يترتب بحكم قضائي.

1- خصائص الرهن الرسمي:
أ)- هو عيني عقاري لا يقع الرهن الرسمي الا على عقار المادة 86 و 88 ق م ج   و عليه فللدائن حق التقدم على الدائنين لإستيفاء حقه قبل المدينين الأخرين على هذا العقار، و له حق تتبعه متى إنتقل هذا العقار إلى شخص آخر، لكن الرهن الرسمي لا يخول للدائن حق إستعمال أو إستغلال العقار.

ب)- حق تبعي: معنى ذلك أنه لا ينشأ إلا لضمان دين معين مهما كانت طبيعته أو صفته و في هذا المجال تنص المادة 891 على ما يلي: " يجوز أن يترتب الرهن ضمانا لدين معلق على شرط أو دين مستقبلي أو دين إحتمالي". كما تنص المادة893 / 01 ق م ج ، على أنه " لا ينفصل الرهن عن الدين المضمون بل يكون تابع له في صحته و في إنقضائه".

ج) حق غير قابل للتجزئة: أي أن الرهن يثقل العقار كله لضمان الوفاء بالدين و عليه يعتبر كل جزء من العقار ضامنا للدين.

2- شروط إنشاء الرهن الرسمي:
أ)- الشروط الموضوعية لإنشاء الرهن الرسمي:

أ-1- ملكية الراهن للعقار: يشترط أن يكون الراهن مالكا للعقد (المادة 884/02 ق م ج) أما إذا قام الراهن برهن عقار مملوكا للغير فإنه تطبيقا للمادة 884/02 ، فقد إعتبره المشرع باطلا بطلانا مطلقا و هذا بخلاف جل التشريعات العربية التي جعلته قابلا للإبطال قياسيا على بيع ملك الغير.

أ-2 الشروط المتعلقة بالدين المضمون:
فيما يخص العقار: تطبيقا للنص المادة 886 ق م ج يجب أن يكون العقار المرهون مما يصح به التعامل فيه و بيعه بالمزاد العالني، و أن يكون معينا تعيينا دقيقا من حيث طبيعته و موقعه، و العقار قد يكون أرضا أو مبنى و يجوز أن يقع الرهن على الحقوق العينية كحق الإنتفاع.

فيما يخص الدين المضمون: تطبيقا للنص المادة 891 ق م ج فقد يكون الدين المضمون معلقا على شروط أو دين مستقبلي أو إحتمالي أو معلق على شرط واقف أو فاسخ و في حالة كون الدين إحتمالي أو مستقبلي يتعين تحديده تحديدا كافيا، كتحديد الحد الأقصى الذي ينتهي إليه.

ب)- الشروط الشكلية لإنشاء الرهن الرسمي: بمقتضى النص المادة 883 / 01 ق م ج فإن الرهن الرسمي هو عقد شكلي لا ينعقد إلا بتوافر عناصره الموضوعية و الشكلية، ويشترط إفراغه في شكل معين هو نتيجة لحماية الراهن     و المرتهن و تقوية للإئتمان من جهة أخرى فبالنسبة للرهان تعتبر الرسمية تذكيرا له بخطورة ما هو مقدم عليه من تصرف قد ينتهي بفقدانه الحق، أما بالنسبة للمرتهن فإن الرسمية تجعله في مآمن من خطر عدم ملكية الراهن للشيء المرهون، أو عدم أهليته للتصرف فيه.

و يشترط في التوكيل بإنشاء الرهن أن يتم هو أيضا بعقد رسمي وفقا لنص المادة 572 ق م ج التي يشترط في الوكالة الشكل الواجب توافره في العمل القانوني محل الوكالة.

و تستلزم شكلية عقد الرهن الرسمي وجوب إنعقاده بعقد رسمي أي يجب تدخل موثق العقود، عملا بالمادة 324 مكرر 1.

شهر الرهن الرسمي " قيده ": يشترط المشرع شهر الرهن الرسمي أو ما سماه بقيده حتى يصبح نافذا في حق الغير و بمقتضى ذلك يكون للدائن حق التقدم    و تتبع، فعقد الرهن الرسمي يكون صحيحا لكنه لا يحتج به في مواجهة الغير إلا منذ قيده تطبيقا للمادة 904/ 01 ق م ج.
المقصود بقيد الرهن: القيد هو إجراء يستهدف منه شهر الرهن الرسمي حتى يكون حجة على الغير  و قد أوجب المشرع إشهار العقود الخاضعة للإشهار و التي تم توثيقها و هذا تطبيقا لنص المادة 90 من المرسوم 76 / 63 ، المتعلق بتأسيس السجل العقاري. و يقصد بالغير في هذا المجال كل شخص يلحقه ضرر إستعمال الدائن حق التقدم و حق التتبع يشمل من لهم حق عيني على العقار و من لهم حق الإختصاص و من لهم حقوق عينية كحق إنتفاع أو ملكية الرقبة و القيد حق للدائن المرتهن.

و كقاعدة عامة يمكن إجراء القيد من وقت نشوء الرهن الرسمي و يستوي في ذلك أن يكون الدين مستقبليا أو إحتماليا. كما يستوي في الرهن أن يكون إتفاقيا أو قانونيا أو قضائيا.

آثار قيد الرهن: تنص المادة 16 الأمر 74. 75 على ما يلي: " كل حق للملكية و كل حق عيني آخر يتعلق بعقار لا وجود له بالنسبة للغير إلا من تاريخ يوم إشهار هما في مجموعة البطاقات العقارية". و يرتب القيد آثاره من يوم قيده أي من يوم إيداع القائمتين لدى مكتب الرهن، و بإجراء القيد يتقدم الدائن المرتهن الأفضل( أي الأسبق في القيد و ليس الأسبق في إنشاء الرهن)، على غيره من الدائنين المرتهنين في نفس العقار، كما يكون له حق التتبع على العقار المرهون إذا ما إنتقل إلى الغير.

تجديد القيد: يسقط القيد إذا لم يجدد خلال 10 سنوات من يوم إجرائه المادة 96 / 01 من المرسوم 76/63، لذلك يجب تجديد القيد قبل إنتهاء هذه المدة.

محو القيد أو شطبه: يقصد بمحو القيد إزالته لعدم وجود سبب يستدعي ذلك كبطلان الدين الأصلي أو إنقضاء الدين المضمون أو بطلان الرهن الرسمي و يتخذ الشطب صورتين:

أ)- الشطب الرضائي: و هو حالة موافقة الدائن على الشطب عندما يستوفي حقه من مدينه أو قد يتنازل عنه دون إستيفاءه لحقه.

ب)- المحو القضائي: و يتم بمقتضى حكم قضائي و بطلب من صاحب مصلحة ( الشخص الذي تنتقل إليه ملكية العقار).

3- آثار الرهن الرسمي: يترتب على الرهن الرسمي مجموعة من الآثار سواء بين المتعاقدين أو تلك الآثار التي تخص الغير.

أ)- آثار الرهن بالنسبة إلى الراهن: بإعتباره مقدم هذا الضمان يلتزم في مواجهة الدائن ببعض الإلتزامات و يتمتع ببعض السلطات.

أ-1- إلتزامات الراهن في مواجهة الدائن المرتهن:
 - ضمان سلامة الرهن: تنص الماد 898 ق م ج على ما يلي: " يلتزم الراهن لضمان سلامة الرهن و الدائن المرتهن أن يعترض عن كل عمل أو تقصير من شأنه إنقاص ضمانه إنقاصا كبيرا، و له في حالة الإستعمال أن يتخذ ما يلزم من الوسائل التحفظية اللازمة و أن يرجع على الراهن بما يملك من الوسائل التحفظية اللازمة و بما ينفق في ذلك".

و التعرض هنا سواء صدر من المدين الراهن أو الغير بأن المدين يقي من عدم تعرض الغير للعقار أيضا.

- ضمان هلاك العقار المرهون أو تلفه: تنص المادة 899 / 1 على ما يلي:            " و يستوي في ذلك سواء تم الهلاك بفعل المدين الراهن أو الغير و عليه فإذا هلك هذا العقار أو ترتب على هلاكه دفع التعويض، فإن هذا التعويض حل حلولا عينيا محل العقار المرهون و ينتقل حق الدائن المرتهن إلى هذا التعويض الذي يباشر عليه حقه في التقدم تطبيقا للمادة 900 ق م ج.

أ-2- سلطة الراهن على العقار المرهون: بما أن ملكية العقار تبقى في يد الراهن فإن هذا الأخير له حق التصرف فيشترط ألا يؤثر هذا التصرف في حق المرتهن الذي سبق له و أن قيد حقه عليه تطبقا للمادة 894، لكن أي تصرف يباشره الراهن على العقار بعد قيد الرهن من شأنه أن يؤثر على حق الدائن المرتهن، كأن يقوم ببيع الإبنية المرهونة المقامة على أرضه و بما أن للراهن حق التصرف في عقاره شريطة عدم الإضرار بحق الدائن المرتهن فمن باب أولي أن يكون له حق إدارة العقار المرهون، و قبض ثماره، كما له حق إستعمال و إستغلال عقاره       و ينتهي هذا الحق من يوم تسجيل تنبيه نزع الملكية و تلحق الثمار بالعقار حينئذن، أما فيما يخص حق الإيجار فإن المدين الراهن بإمكانه تأجير عقاره شرط أن يكون عقد الإيجار قد سجل قبل قيد الرهن، فإن كان له تاريخ ثابت و سابق على تسجيل تنبيه نزع الملكية فإنه و تطبيقا للمادة 896 / 2 ق م ج لا يسري إلا لمدة 9 سنوات فقط.

ب) آثار الرهن بالنسبة للدائن المرتهن: إذا تقدم الدائن المرتهن بوصفه صاحب رهن فإنه يتمتع بالحق في التقدم فيما يخص التنفيذ على هذا العقار، و ذلك عند بيعه بالمزاد العالني كي يستوي في حقه بالأولوية من حصيلة البيع.

و إذا كان الراهن هو شخص أخر غير المدين و هو ما يعرف بالكفيل العيني فإنه تطبيقا للمادة 902/ 2 ق م ج، لا يمكن لهذا الراهن أن يدفع لتجريد المدين أولا قبل التنفيذ على ماله.

ج)- آثار الرهن بالنسبة للغير: يقصد بالغير هو كل شخص قد يتضرر من إستعمال الدائن لحق التقدم و التتبع، أما إذا كان هذا الغير هو الآخر له حق رهن مرتب على عقار فإن العبرة بين ما هو أسبق في قيد الرهن و عليه فإن الدائن طالما أنه قد قيد رهنه وله تاريخ ثابت فإنه يتمتع بميزتين:

الميزة الأولى: حق التقدم: تنص المادة 907 على ما يلي: " يستوفي الدائنون المرتهنون حقوقهم تجاه الدائنين العاديين من ثمن العقار المرهون أو من المال الذي حل محل هذا العقار بحسب مرتبة كل منهم و لو أجروا القيد في يوم واحد".        و يستعمل حق التقدم في حالة تزاحم الدائنين و هنا نفرق بين حالتين:

الحالة الأولى: يكون للدائن المرتهن حق التقدم و الأولوية على الدائنين العاديين، فهم لا نضمن حقوقهم تأمينات خاصة و يخضعون لقاعدة المساواة، و لا يستوفون حقوقهم من العقار إلا بعد أن يستوفي الدائن المرتهن كل حقه في ثمنه.

الحالة الثانية: في حالة تعدد الدائنين لنفس العقار فإنه يقدم في المرتبة من قيد رهنه الأول و عليه يكون الترتيب على حسب ترتيب قيودهم.
الميزة الثانية: حق التتبع: حسب المادة 911 ق م ج:" فإنه يحق للدائن المرتهن إذا لم يستوفي حقه من المدين عند حلول أجل الإستحقاق أن يتخذ إجراءات نزع الملكية من يد حائز العقار" و يعتبر حائزا للعقار كل من آلت إليه ملكية أو أي حق عيني آخر عليه كحق الإنتفاع و عليه يقصد بحق التتبع التنفيذ على المال المرهون الذي بين يدي الحائز الذي آلت إليه ملكيته أو أي حق أخر متفرع عنه قابل للرهن لينفذ عليه الدائن المرتهن.

إنقضاء الرهن الرسمي: هناك طريقتين لإنقضاء الرهن الرسمي:
أ)- إنقضاء الرهن الرسمي بصفة تبعية: بما أن الرهن الرسمي عقد تابع فإنه لا ينشأ إلا لضمان دين معين و عليه فهو يتبعه وجودا و عدما.

ب)- إنقضاء الرهن بصفة أصلية: ينقضي الرهن الرسمي بطريقة أصلية في حالات معينة و هي إما حالة النزول عن الرهن أو حالة هلاك العقار المرهون كحالة نزع ملكيته من أجل المنفعة العمومية






تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

اوامر قاضي التحقيق في قانون الاجراءات الجزائية الجزائري

التحقيق و علم النفس الجنائي

المسؤولية المدنية