الآثار في مسرح الجريمة وأهميتها الجنائية



الآثار في مسرح الجريمة وأهميتها الجنائية



تترك الأقدام، والعجلات،والآلات، وغيرها،اَثاراً في مسرح الحادث او الجريمة، لها قيمة قانونية كبيرة، يستطيع الطب العدلي الكشف عنها..

أثار الأقدام

أثر القدم: هو الشكل الذي يتركه القدم في التربة الطرية، كالتراب والرمل والطين، ويسمى بالأثر الغائر.وقد تتلوث القدم بهذا التراب(بإختلاف نوعه)، وعند سيرها على سطح صلب تترك أثراً يسمى الأثر المطبوع.أما إذا كان سطحاً صلباً مغطى بالتراب، او بالغبار، فعندما تسير عليه الأقدام فإنه يعلق بها، ويسمى هذا: الأثر المرفوع.

أهمية اَثار الأقدام في البحث الجنائي

1- تدل على الطريق التي سلكها صاحبها.وقد يؤدي ذلك بالمحقق الى منطقة الحادث، وشهود عيان.
2- تشير الى عدد الجناة في مسرح الحادث.
3- عن طريق موقع القدام يمكن تحديد الدور الذي قام به كل جاني، مما يضعف مقاومة المشتبه فيهم أثناء التحقيق-  إذا ما واجه المحقق كل واحد منهم بدوره في الجريمة.
4- الحالة التي عليها الجاني،فان الآثار قد تدل ما إذا كان الجاني مريضاً(أعرج مثلاً)، أو مسرعاً، أو متمهلاً، أو حاملاً لأشياء ثقيلة، مثلاً.

طرق رفع اَثار الأقدام
القواعد العامة  لرفع آثار الأقدام:
1- إختيار أوضح الآثار لرفعها.
2- تنقية الآثار من الشوائب، مثل أوراق الأشجار، والعروق،بشرط أن لا تكون داخلة في تكوين الأثر.
3- تجفيف الأثر من الماء إن وجد، دون زيادة في الأثر،أو إتلافه، بإستخدام ورق النشاف،أو اَلات التنشيف التي تدفع هواءً ساخناً، مثلاً.
4- تجهيز وسائل التقوية،كقطع من الصفيح، مثلاً،توضع حول الأثر لكي تتحمل ضغط الشمع او الجبس أثناء صبه في القالب- الأثر.
5- كتابة جميع البيانات على إضبارة القضية، وأهمها إسم رافع الأثر، والمكان الذي رفع منه الأثر، بالأضافة الى إسم المتهم- إن وجد.


كيفية رفع اَثار الأقدام

أولاً-رفع ألآثار الغائرة
1- التربة الرملية:
   يستخدم في هذه الحالة الجبس الباريسي، حيث يخلط بقوام متوسط بين السائل والصلب،ومن ثم يصب في القالب الموضوع حول الأثر،فيأخذ شكل الأثر.ويجب ان يكون سمك القالب 4 سم على الأقل.ويرفع القالب بعد مضي ساعة، ويستلُ برفق ٍ، وإن بقيت هناك أشياء لاصقة بالقالب، فيجب تركها- لكي لا تؤدي الى نتائج مضللة.

2-التربة الطينية:
   يستخدم لها الشمع المخلوط بالقلفونية(وهي مادة تزيد صلابة الشمع)،فيُصهر المخلوط في حمام مائي، ثم يصب في القالب المحتوي على الأثر، ويرفع عند هبوط درجة حرارته.
3-التربة الهشة:
    وفيها يستعمل محلول جوملكة+ كحول بنسبة 4:1 ، ويرش فوق الأثر رشاً غير مباشراً لكي لا يحدث تغييرات، ويترك المحلول ليجف، لكي نحصل في النهاية على قالب رقيق من الجوملكة بمثل شكل القدم.

4-أثر القدم في الأسمنت:
    هذا الأثر نجده في حالة وقوع الجريمة في أماكن الإنشاء والتعمير. ويكون الأسمنت قد جف وأخذ شكل القدم. في هذه الحالة يُدهنُ تجويف الأثر بالزيت، أو بمحلول الصابون، ثم يصب فيه مخلوط الجبس الباريسي، او جبس مماثل.

ثانياً- التربة الصلبة
    الأثر المطبوع والأثر المرفوع
1-القدم الملوثة بالتراب:
   يستخدم في هذه الحالة ورق البروميد الأبيض أو الأسود.يستعمل الورق الأسود عندما يكون التراب فاتحاً.أما الورق الأبيض فيستعمل عندما يكون لون التراب قاتماً.يُغمس ورق البروميد بالماء، ثم يوضع على الأثر فيلتصق التراب بالطبقة الجيلاتينية.وأما إذا كان هناك تبايناً في الألوان فيتم رفع هذه الآثار بالتلوين.
2-أثر القدم الملوثة بالزيت أو بالدم:
   القدم الملوثة بالدم أو بالزيت يمكن رفع أثرها بالتصوير، مع مراعاة وضع مقياس بجانب الأثر لكي يسهل تكبيره للحجم الطبيعي.

ثالثاً- ظهور حلمات الأقدام بالأثر
   في هذه الحالة لا يرفع الأثر إلا بالتصوير، وتصبح الصورة كأنها بصمة تماماً، وينطبق عليها كل ما ينطبق على اَثار بصمات اليد- التي سنتناولها في محاضرة قادمة.



مقارنة اَثار الأقدام
القواعد الواجب مراعاتها:
1- يؤخذ أثر المشتبه به في نفس مكان الحادث، أو في تربة مماثلة، مع مراعاة نفس ظروف الأثر المرفوع من وضعية: جري، مشي، حمل أثقال..الخ.
2- يرفع أثر قدم المشتبه به بنفس الطريقة التي رفع بها الأثر في مكان الحادث: شمع، تصوير، جبس..الخ
3- تتم مقارنة الأثر المرفوع مع الأثر المأخوذ من مكان الحادث- إذا كانت القدم عارية.أما إذا كان المتهم منتعلاً أو لابساً جوارب،فيجب مقارنة القالب مع الحذاء او الجوارب.
4- تصوير القالب:حتى يمكن أخذ أبعاده وزوايا القدم بدقة.

كيفية مقارنة اَثار الأقدام
 
 تتم مقارنة رفع اَثار الأقدام وفقاً لما يلي:
1- من حيث النوع: يكون الأثر عادياً،أو مفلطحاً، أو مقوساً.
2- مقارنة الأجزاء التفصيلية:الأصابع،المشط،الأخمص،الكعب.
3- إن إتفقا،يتم تصوير القالبان مع الأستعانة بمقياس، يوضع بجانب القالب. وتقاس الأبعاد التالية:
أ- طول القدم: وهو طول مستطيل، طوله من طرف الأصبع الكبير وحتى منتصف الكعب.
ب- عرض القدم:عرضه بين الحافتين الداخلية والخارجية.
ج- وتر الأخمص: وهو المسافة بين قمة الأصبع الكبير، ومنتصف الكعب- المحصور بين منطقتي المشط والكعب.
د- زوايا الأصابع:وهي الزاوية المحصورة بين إمتداد خط الأصابع-الواصل بين قمة الأصبع الصغير وقمة الأصبع الكبير، وإمتداد خط الطول الذي يمس الحافة الداخلية.
ه- العلامات المميزة: مثل ركوب إصبع على اَخر،أو وجود ندبات أو كدمات أو تشققات.وهذه تظهر إذا كانت القدم عارية. إما إذا كان المتهم منتعلاً،فيكون هناك علامات مميزة للحذاء في نقوش وكتابات وأرقام ومسامير وأثر تاَكل وخياطة أحياناً.أما في حالة الجوارب فتقارن إتجاهات خيوط النسيج.

مقارنة اَثار الأقدام المتتابعة

الأقدام المتتابعة: هي الآثار التي يتركها الفرد إن سار لمسافة معينة، بحيث تكون: أثر اليمنى، ثم اليسرى، ثم اليمنى، وهكذا.وهذه الآثار جميعها تربط بينها قواعد أهمها:
1- إتجاه السير: وهو الخط الواصل بين نصف المسافة لعقبين متتاليين ونصف المسافة للعقبين التاليين.وهو خط مستقيم بالنسبة للشخص العادي، وغير ذلك بالنسبة للمرضى، والسكارى، وذوي العاقات.
2- خط السير: وهو الخط الواصل بين منتصف الكعب الأيسر والكعب الأيمن،ثم منتصف الكعب الأيسر،ثم الأيمن، وهكذا. ويكون،أيضاً، متعرجاً لدى الأشخاص غير العاديين.
3- خط القدم:عبارة عن محور القدم.وقد يتوازى مع خط الإتجاه او يلتقي به مكوناً زاوية القدم، وهي تختلف من شخص لآخر.
4- زاوية السير:وهي الزاوية المحصورة بين محور القدم الأيسر مع محور القدم الأيمن.ولمقارنة هذه النقاط يتم تصوير اَثار الأقدام المتتابعة  بإرتفاع مناسب.وتتم دراسة كل ما سبق عليها.

قوة أثر القدم في الإثبات
  
تعتمد نقاط المقارنة في غالبيتها على مقاسات يمكن ان يحدث فيها خطأ وصواب، إما في القياس، وإما لظروف التربة. قانونياً، تعتبر اَثار الأقدام دليلاً قاطعاً في حالتين:
1- إذا ظهرت في الأثر الخطوط الحلمية، وعندئذ تصبح كالبصمة.
2- إذا إختلف أثر المشتبه به مع الأثر في محل الحادث،فان ذلك يدل على ان الأثرين لشخصين محتلفين[[1] ].

اَثار العجلات
  
عندما تسير السيارات فإن العجلات الخلفية تُطمِسُ/تشوه/ اَثار العجلات الأمامية، ولا يمكن رؤية أثر العجلات الأربع إلا عند الدوران.. بدراسة اَثار العجلات يمكن تحديد نوع السيارة من حيث هي صغيرة أو سيارة نقل.وهذه الآثار يمكن رفعها بالطرق التي سبق وشرحناها قبل قليل في اَثار القدم. وعند ضبط سيارة مشتبه بها، يجب فحص إطاراتها، ومقارنتها، إذا ما كانت تحتوي على قطع زجاج أو رمال أو أي اَثار أخرى من مكان الحادث. في محاضرة لاحقة سنروي لكم حادثة وستتأكدون كيف تم الكشف عن جريمة بشعة بواسطة اَثار العجلة، زائداً فحوصات أخرى أُجريت بفضلها[[2] ].

اَثار الآلآت
 
أحياناً تستخدم في الجرائم اَلات حادة، مثل المفك (الدرنفيس) والزردية، والإزميل، ومقص الحديد، وغيرها من الآلآت التي تستخدم في الكسر، أو الفتح، يُعثرُ عليها في مسرح الجريمة..كل اَلة من الآلآت المذكورة،وغيرها، تترك أثراً في الجسم الذي إستُعملت عليه..وعدا هذا،في بعضها تتبقى بعض ذرات هذه الأجسام على الآلآت..
   يمكن فحص اَثارها،بإستخدام هذه الآلآت،بنفس الطريقة،التي إستخدمت أثناء الجريمة، ومقارنة الأثر بعد تصويره وتكبيره بنفس الحجم[[3] ].

اَثار التراب
   
تنقسم الأتربة من حيث العناصر المكونة لها الى:
1-تراب ذو عنصر نباتي أو حيواني( غالباً في البيئة الريفية).
2-تراب ذو عنصر معدني(غالباً في البيئة المدنية والصناعية).
   وينقسم التراب من حيث المصدر إلى:
1- تراب الطريق:
    يلاحظ فيه إرتفاع العناصر المعدنية عن العناصر النباتية، ويمكن ان يَعلَقَ بالآخرين، وبالأجزاء السفلى من الملابس،وبالأحذية، وفي إطارات السيارات.
2- تراب المساكن:
    وهو المتخلف من السجاد، والموكيت، والفراش، والملابس الصوفية. ويعلق أحياناً بجسم الجاني، خصوصاً في جرائم العنف،كالأغتصاب، والخنق بكتم الأنفاس.
3- التراب الصناعي:
     وهو المتخلف من الصناعات المختلفة: كالدقييق، والأسمنت، والفوسفات، وغيرها. ويوجد مثل هذا التراب في ورشات البناء،والمخازن،والمستودعات.ومثل هذا التراب يعلق بالألبسة، وكذلك نجده داخل القصبات الهوائية- بالنسبة للمتوفين.
4- تراب المهنة:
   هذا التراب متنوع بتنوع المهن.فهو من الفوسفات- بالنسبة للعاملين في مناجم الفحم. ومن الطباشير- لدى المعلمين.وهذا التراب يمكن ان يوجد أيضاً في القصبات الهوائية للمتوفي، ويفيد في تحديد الوسط الذي ينتمي إليه المجني عليه، مما يسهل الكشف عن هويته.
5- تراب الأنقاض:
    ويظهر في الجرائم التي يلجأ فيها الجاني الى هدم أو إحداث ثغرة ما في بناء قائم من أجل الدخول الى المكان لسرقته أو لإرتكاب جريمة فيه.فيتم العثور على غبار مدخنة،أو تراب طوب،أو قطع زجاج، الخ.
6- تراب الخزائن:وهو التراب الذي تبطن فيه الخزائن لحمايتها من الحريق.ويتكون من خليط من المواد التالية: سلفات البوتاسيوم،سلفات الألمنيوم، نشارة خشب، ورق حراري، صودا،منغنيز.
    تظهر هذه الاتربة في ملابس المجرمين المتخصصين في كسر وسرقة الخزائن.
الأهمية الجنائية لأثر الأتربة:
 لاَثار الأتربة قيمة في الكشف عن هوية الجاني، والمجني عليه، أحياناً..بدراسة تلك الآثار، ومقارنتها بمسرح الجريمة، يمكن المساعدة في الكشف عما يبحث عنه الباحث الجنائي[[4] ].

قطع الزجاج
  
لقطع الزجاج أحياناً أهمية في تحديد الجاني من حيث وجود قطع صغيرة من الزجاج المتحطم في مسرح الجريمة عالقة بملابس المشتبه به، فتعتبر دليلاً ضده.
   ويمكن مقارنة هذه القطع مع الزجاج الأصلي، بالطرق التالية:
1- ملائمة وتكامل قطع الزجاج: فقط حين تكون القطع كبيرة.
2- الوزن النوعي للزجاج:تتم مقارنة قطع الزجاج الصغيرة بعد تنظيفها بالغسل بالأثير، وتوضع كل عينة في كأس من البروموفورم، ثم تسخن في حمام مائي، وتترك لتبرد.فيلاحظ أي العينات تصعد قبل غيرها الى السطح،أو تصعد بالتساوي،في اَن واحد، وحينئذ يكون الزجاج واحداً.
3- معامل الإنكسار:هناك طرق خاصة لقياس هذا المعامل[[5] ].





[1] - جلال الجابري،الطب الشرعي القضائي،مصدر سابق،ص 63-67
[2] - المصدر نفسه،ص 69.
[3] - المصدر السابق،ص 63-67
[4] - جلال الجابري،الطب الشرعي القضائي،مصدر سابق،ص  69- 70 .
[5] - المصدر نفسه،ص  71 .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

اوامر قاضي التحقيق في قانون الاجراءات الجزائية الجزائري

التحقيق و علم النفس الجنائي

المسؤولية المدنية