مدخل الى قانون الاسرة



 

مدخل لقانون الأسرة                          مدخل الى قانون الاسرة


       تنص المادة 58 من الدستوري:" تحظى الأسرة بحماية الدولة و المجتمع".

       و تتجسد حماية الدولة للأسرة من خلال القوانين و الأنظمة التي تصدرها من أجل حماية الفرد بصفة خاصة و المجتمع بصفة عامة و هذا المجتمع الذي بدوره يتكون من عدة أسر ومؤسسات عمومية، فالأسرة هي الأصل والعنصر الأساسي في تكوينه.

       و هذه القوانين التي تصدرها الدولة تكون من أجل تنظيم علاقة الفرد بدولته بما تتمتع به من سيادة في العلاقات الخارجية مع الدولة نظرا للإمتيازات التي تتميز بها وهذا ما يعرف بقواعد القانون العام هذا من جهة و من جهة أخرى تنظم هذه القواعد علاقة الأفراد فيما بينهم أو بينهم و بين دولتهم و هذا ما يعرف بالقانون الخاص و الذي يتجسد بصفة خاصة في عدة قوانين أهمها القانون المدني الذي يهتم بمجموعتين من العلاقات: 

أولا: العلاقات الشخصية: و هي تتعلق بالأحوال الشخصية.

ثانيا: العلاقات المالية: و هي تتظمن نوعين من الحقوق: - الحقوق الشخصية و الحقوق العينية.

       والمشرع الجزائري قد حظى حماية الأسرة دستوريا بإعتبارها جزءا لا يتجزء من المجتمع و ذهب إلى أبعد من ذلك بإصداره قانون خاص للأسرة         و المجسد في قانون الأسرة ( قانون رقم: 84 11 مؤرخ في 09 رمضان عام 1404 الموافق 09 يونيو سنة 1994 م) وهذا الأخير قد نظم الأسرة في شؤونها وعلاقاتها الداخلية، حيث تناول في كتابه الأول الزواج و إنحلاله ( إذ بدأ بالخطبة كتمهيد للزواج حتى إنحلال هذه العلاقة بالطلاق) و في كتابه الثاني تناول النيابة الشرعية ( الولاية ) و في كتابه الثالث تناول الميراث و في كتابه الرابع تناول فيه التبرعات ( الوصية، الهبة، الوقف) ويمكننا تعريف قانون الأسرة بأنه:" مجموعة القواعد التي تنظم حالة الشخص و علاقته بأسرته و بأقاربه و بمجمعه".

       - كما أن الأسرة تحظى بحماية المجتمع من خلال الأعراف و التقاليد       و كذلك الدين بإعتباره عنصرا هاما جدا في تنظيم و ترقية الأفراد بحيث يعتبر كل إنحراف عن هذه القواعد حرفا للنظام العام والآداب العامة ويتلقى المعتدي عقابه في المجتمع بنبذه هذا حتى يتمكن الفرد أن يعيش و حده أو مع أسرته بسلام.            و بالرجوع إلى قانون الأسرة نجد أن جميع العلاقات بين أفراد الأسرة تخضع لأحكام هذا القانون، هذا ما نصت عليه المادة الأولى من قانون الأسرة بقولها:        " تخضع جميع العلاقات بين أفراد الأسرة لأحكام هذا القانون ". و بالرجوع أيضا إلى المادة 02 من قانون الأسرة و التي تنص: " الأسرة هي الخلية الأساسية للمجتمع و تتكون من أشخاص تجمع بينهم صلة الزوجية و صلة القرابة ". وهذه المادة تنقسم إلى فقرتين الفقرة الأولى: " الأسرة هي الخلية الأساسية للمجتمع". و الفقرة الثانية: تتكون من أشخاص تجمع بينهم صلة الزوجية و صلة القرابة".

       01- تعريف الأسرة:
       - تعتبر الأسرة ظاهرة دائمة التغير، إذ يمكننا إعتبارها مؤسسة إجتماعية     و إقتصادية تبرز في المرحلة الحاضرة كمؤسسة منظمة و قائمة على أساس علاقات القرابة الوثيقة الصلة، و يمكن القول أنها مؤسسة قائمة على أساس توزيع العمل بين الذكر (الزوج) والأنثى ( الزوجة). فالأسرة جزء في المجتمع تأثر و تتأثر بتغيراته الإقتصادية و الإجتماعية و السياسية. فالأسرة في الماضي ليست كما هو الحال عليه أسرة الحاضر فعلى سبيل المثال من حيث تكوينها نجدها في الماضي كانت تظم 3 أجيال أو أكثر من جد و جدة و أب و أم و الأبناء بينما اليوم أصبحت تقتصر على العموم على الأب و الأم و الأبناء ( إستقلالية ).

       و عليه فالأسرة تتكون من أشخاص تربط بينهم صلة الزوجية و صلة القرابة.

       02- الزوجان ( الأب و الأم):المادة 2 من ق أ ج/1 " تتكون من أشخاص تجمع بينهم صلة الزوجية. فالأفراد التي تربطهم صلة الزوجية هم كل من الزوج     و الزوجة أو بالأحرى الرجل و المرأة.

       تتفق جل التشريعات وعلى الخصوص التشريع الجزائري على أن الموافقة الزوجية أساسية لكي يبرم عقد الزواج. لكن هذا لا يمنع من أن تكون العلاقات الزوجية إذا ما تم البناء عن أن يكون تفوق الرجل و هو الطابع الطاغي عليها. فالرجل هو دائما رب الأسرة   و تعتبر هذه ميزه العائلة العربية و الإسلامية بصفة عامة والأسرة الجزائرية بصفة خاصة، و لقد عرفت الأسرة العربية مختلف التجمعات العائلية في مراحل تطورها التاريخي إذ عرف نظامين: - نظام الأمومة - النظام الأبوي.

       نظام الأمومة: كانت المرأة في العصر الجاهلي، المرجع الوحيد و الحقيقي بسبب عدد الأبناء المولودين من أزواج متعددين فنسبوا إليها، فظهرت بالإحترام    و الطاعة و أصبحت صاحبة السلطة في العشيرة و لكن مع ظهور النظام الأبوي حشرت المرأة مساواتها مع الرجل إذ أصبح التمايز فيها يخص توزيع العمل الذي يقوم على أساس الجنس و العمر، فيتسلط الذكر على الأنثى و الكبير على الصغير.

       و بسيطرة النظام الأبوي أصبح الرجل هو المعيل صاحب السلطة و الإحترام        و المسؤولية والإرث والانتساب، فهو رب الأسرة و سيدها.

       لكن بدأ الرجل يفقد هذه الامتيازات ويتبدل موقفه من زوجته و أولاده عندما بدأت المرأة تشارك في العمل خارج المنزل لقاء أجور تسهم في تأمين حاجات الأسرة الضرورية وعليه تحول دور المرأة من وظيفة ودور جنسي ( إشباع حاجات الرجل ) وإنجابي ( إنجاب الأولاد و تربيتهم)، إلى إنسان، فيكون لها الحقوق        و الواجبات والمسؤوليات لفرض ذاتها التي للرجل دون تمييز كما لا ننسى دور الإسلام في إعطاء المرأة مكانتها التي هي عليها الآن حيث حرر المرأة من قيود المجتمع الجاهلي لتكون عضوا نافعا في المجتمع الإسلامي فالمرأة في الإسلام إنسان مرعي الحقوق والواجبات.

       3- الأبناء: يعتبر الأبناء من أهم الأسس التي تقوم عليها الأسرة، فالأسرة تعتبر المجال الطبيعي لتربية الأطفال و التي تكون مشتركة بين الزوجين فالرجل يقوم بالعمل من أجل كسب المال لإشباع حاجات أبناءه بقدر الإمكان و تقوم الأم بتربيتهم ورعايتهم.

       فالأسرة تقدم للأبناء إشباعات و خيرات عاطفية قد لا توجد في أي تنظيم آخر للعلاقات الإجتماعية.

       04- دور الأسرة:
       و من خلال ما تقدم في حديثنا عن المرأة ( الزوجة) و الرجل ( الزوج)      و الأبناء بإعتبارهم الأسس التي تقوم عليها الأسرة فإن هذه الأخيرة حتى تستمر     و تبرز في المجتمع لا بد أن تقوم على الترابط و التكافل و حسن المعاشرة         و التربية الحسنة و حسن الخلق و بند الآفات الإجتماعية و هذا ما تؤكده المادة    03 ق أ ج.

       فالمرأة هي النصف الأخر للرجل و الأحكام الشرعية الجليلة تأمرنا بمكارم الأخلاق   و الفضائل تنهى عن سوء الخلق و الرذائل، ضمن الفضائل التي تأمر بها العفة هي أمانة كل من الزوجين للآخر حتى إذا تمسكا بها كانت سببا لحسن الإمتزاج بينهما، و هي فضيلة دقيقة جدا.

       كما أن الأمانة و الحياء مطلوبين عند المرأة خصوصا منه عند الرجل إذ يجب أن تكون أشد مما في الرجل لقوله صلى الله عليه و سلم " الحياء جميل،       و لكنه عند المرأة أجمل"، فإذا تخلت عنه تكون قد باعدت عن سلوك الصيانة        و تلوث بذلك طهارة العائلة كما أن التمسك بهذه الفضيلة يلغي الشك بين الزوجين    و تكون بذلك العشرة طيبة بينهما مما ينعكس بذلك على الأولاد من حيث تربيتهم فالتربية تقتضي في الوالدين أن يتغذى الأبناء من أباءهم بإرشادات المرشد و ذلك بتهذيب أخلاقهم و تعويدهم على التطبع بالطباع الحميدة و الآداب الكاملة و الأخلاق الفاضلة هذا من جهة، و من جهة أخرى تقتضي التربية تغذية الأطفال لعقولهم بتعلم المعارف و الكمالات.

       فالتربية إذن تكون بحسب الأصول و الآداب حتى ينشأ الطفل على هيئة ثابتة        و يتحصل على ملكة في طبعه و يترتب على ذلك سعادة الأسرة بصفة عامة       و سعادة المجتمع بصفة خاصة. لأن سوء التربية سينعكس على هذا المجتمع       و الأسرة إذ تكون نتيجتها إنتشار فساد الأخلاق و إرتكاب المحرمات و الإنتهاك في الشهوات.

       و عليه ينبغي أن يكون الوالدين قدوة للآبناء فيما يريدون إنطباعهم عليه من التخلق بالأخلاق الحسنة. و عليه تعد التربية في الأسرة العماد الأساسي و هذا ما تؤكده لنا المادة 3 ق أ ج: " تعتمد الأسرة في حياتها على الترابط و التكافل و حسن المعاشرة و التربية الحسنة و حسن الخلق و نبذ الآفات الإجتماعية ".

 




























تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

اوامر قاضي التحقيق في قانون الاجراءات الجزائية الجزائري

التحقيق و علم النفس الجنائي

المسؤولية المدنية